للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفعل, ولكن لو قلت: مررت برجل حسن أبوه وشديد أبوه, وبرجل قاعد عمرو إليه, لكان جائزًا, وكذلك: مررت برجل حسن أبوه وشديد أبوه.

واعلم: أن سائر الصفات مما ليس باسم فاعل ولا يشبهه, فهي ترفع الفاعل١ إذا كان مضمرًا٢ فيها وكان ضمير الأول الموصوف, وترفع الظاهر أيضًا إذا كان في المعنى هو الأول. أما المضمر فقد بينته لك, وهو نحو: مررت برجل خير منك وشر منك, ففي "خير منك" ضمير رجل وهو رفع بأنه فاعل. وأما الظاهر الذي هو في المعنى الأول فنحو قولك: ما رأيت رجلًا أحسن في/ ١٢٥ عينه الكحل منه في عين زيد٣, لأن المعنى في الحسن لزيد, فصار بمنزلة الضمير إذ كان الوصف في الحقيقة له, ومثل ذلك: ما من أيام أحب إلى الله فيها الصوم منه في عشر ذي الحجة٤.

واعلم: أن قولك: زيد حسن, وكريم, منْ حَسُنَ يحسنَ, وكَرُمَ يكرم, كما أنك إذا قلت: زيد ضارب, وقاتل وقائم, فهو من: ضرب وقتل وقام, إلا أن هذه أسماء متعدية تنصب حقيقة. أما إذا قلت: زيد حسن الوجه وكريم الحسب, فأنت ليس تخبر أن زيدًا فعل بالوجه ولا بالحسب


١ الفاعل: ساقط في "ب".
٢ في "ب" المضمر.
٣ قال سيبويه: ما رأيت أحسن في عينه الكحل منه في عينه، وليس هذا بمنزلة خير منه أبوه، لأنه مفضل الأب على الاسم في "من" وأنت في قولك: أحسن في عينه الكحل منه في عينه، لا تريد أن تفضل الكحل على الاسم الذي في "من" ولا تزعم: أنه قد نقص أن يكون مثله، ولكنك زعمت: أن الكحل ههنا عملا وهيئة ليست له في غيره من المواضع، وكأنك قلت: ما رأيت رجلا عاملا في عينه الكحل كعمله في عين زيد. الكتاب ١/ ٣٣٢.
٤ الأشموني في شرحه على الألفية ٢/ ٢٦٤ جعله حديثا فقال: ومثله قوله عليه الصلاة والسلام: "ما من أيام أحب إلى الله فيها الصوم من أيام العشر". والرواية في كتب الحديث: البخاري، الترمذي، وسنن ابن ماجه، وسنن النسائي، ليس فيها "أحب" رافعا للاسم الظاهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>