للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالَ قومٌ: كُلُّ شَيءٍ مما لا ينصرفُ مصروفٌ في الشعرِ إلا أَفعلَ "الذي معهُ مِنْ كذَا نحو: هَذا أَفعلُ مِنكَ١ ورأيتُ أَكرمَ مِنْكَ وذهبوا إلى أَنَّ "مِنْكَ" يقومُ مقامَ المضافِ إليهِ وهذَا مِنْهم خَطأٌ وإنَّما مُنعَ الصرفُ لأَنَّهُ "أَفعلُ" وتَمَّ "بِمنْكَ" نعتًا فَصارَ كأَحمَر أَلاَ ترىَ أَنَّكَ تقولُ: مررتُ بخير منكَ وشرٍّ مِنْكَ فمنكَ على حالِها وصرفتَ خيرًا وشراً" لأَنَّه قد نَقصَ عَنْ وزنِ "أَفعلَ" وقال قومٌ: يجوزُ في الشعرِ تركُ صرفِ ما ينصرفُ.

قالَ محمد بن يزيد: وهذَا خَطأٌ عظيمٌ لأَنَّهُ ليسَ بأَصلٍ للأسماءِ أن لا تنصرفَ فتردٌّ ذلكَ إلى أَصلهِ قالَ: ومِمّا يحتجونَ بهِ قولُ العباسِ بن مرداس:

أَتجْعَلُ نهبي ونَهبَ العُبي ... دِ بَيْنَ عُيَينَةَ والأَقرعِ ...

وما كانَ حِصْنٌ ولاَ حَابسٌ ... يًفُوقانِ مِرْدَاسَ في مَجْمَعِ ٢


١ ذكر ابن عصفور في المقرب/ ١٧٠. أن الكوفيين استثنوا من ذلك "أفضل من" وزعموا أن "من" منعت صرفه وهي تفاقها. وزعم البصريون أن المانع من صرفه إنما هو وزن الفعل والصفة لا "من" بدليل قول العرب: خير منك، وشر منك، ومنونتين، لما زال وزن الفعل، ولو كانت "من" المانعة للصرف وجب امتناع "خير وشر" الصرف فتبين إذن أن المانع لا يعمل "من" الصرف إنما هو الوزن والصفة كما أن أحمر كذلك، فكما أن "أحمر" يصرف في الضرورة، فكذلك "افعل" وزعم أبو الحسن أن من العرب من يصرف ما لا ينصرف في الكلام، وزعم أن ذلك لغة للشعراء.
٢ الشاهد فيهما: ترك صرف "مرداس" وهو اسم منصرف، وهذا قبيح لا يجوز، ولا يقاس عليه لأن لحن، لذا فإن ابن السراج قال: والرواية الصحيحة.
يفوقان شيخي في مجمع.
وللبيتين قصة بعد موقعتة حنين مذكورة في المراجع الإسلامية والتاريخية. ورواية الديوان:
فأصبح نهبي ونهب العبيدين ...
ويروي كذلك: أيذهب نهبي ...
والنهب: الغنيمة والعبيد بالتصغير: اسم فرس العباس، وكان يدعي فارس العبيد. يفوقان: الشيء الفائق: هو الجيد الخالص في نوعه، ورواية: يفوقان شيخي، يريد الشاعر أباه وجده.
وانظر: الأغاني ٤/ ٣٠٨ والشعر والشعراء/ ١٠١. والكامل لابن الأثير ٢/ ١٨٤. والموشح للمرزباني/ ١٤٤ وشروح سقط الزند ٢/ ٨٧٣. والسيوطي ٩٢٥ والسمط/ ٣٢. والخزانة ١/ ٧١. والضرائر/ ١٣٤. واللسان "نهب، وعبد" والديوان.

<<  <  ج: ص:  >  >>