للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجعلَ "هَجَر" في اللفظِ هِيَ التي تبلغُ السوآتِ لأَنَّ هذَا لا يشكلُ ولا يحيلُ والفرقُ بينَ هَذا وبينَ البيتَ الذي قَبْلَه أَنَّ ذاكَ قُدِّمَ فيهِ المفعولُ الثاني على المفعولِ الأولِ وَهْوَ غيرُ مُلْبسِ فَحَسُنَ لأَنَّهُ يجوزُ أنْ تضيفَ "مدخلَ" إلى "رأسِه" ولا تذكرُ "الظلّ" وتضيفهُ إلى "الظلّ" ولا تذكرُ "رأَسَهُ" وهذَا خِلافُ ذلكَ لأَنكَ جعلتَ الفاعلَ فيهِ مفعولًا والمفعولَ فاعلًا وينشدونَ في مثلهِ١:

"وتَشْقَى الرِّماحُ بالضَّياطِرةِ الحُمْرِ......"

وإنّما يشقى الرجالُ وقَدْ يحتملُ المعنى غيرَ ما قالوا "قد شقى الخزُّ بفلانٍ" إذْ لم تجعلْهُ أَهلًا لَهُ فهذَا على السعةِ والتمثيلِ يكونُ المعنى: قَدْ شَقيَ الرمحُ بأبدانِ هؤلاءِ وكقولِهم: أتعبتُ سيفي في رقابِ القومِ إني فعلتُ بهِ ما إذا فَعَل بِمَنْ يجوزُ عليهِ التَّعَبُ تَعِبَ. فأَمَّا قَولُ الله عزَ وجَلّ:


١ هذا عجز بيت، وصدره:
ونركب خيلا لا هوا دة بينها ... وتشفي الرماح ...
والشاهد فيه على التقديم والتأخير، وذلك أن الضياطرة هم الذين يشقون بالرماح لقلتهم بها، والوجه الثاني: أن الرماح تشقي بالضياطرة لأنه لم تجعلهم أهلا للتشاغل بها، وحقر شأنهم جدا فجعل طعنهم بالرماح شقاء للرماح كما يقال: شقي الخز بجسم فلان، إذا لم يكن أهلا للبسة.
والضياطرة: واحدهم: ضيطر وضيطار، وهو الضخم العظيم، والهوادة: اللين والبيت لخداش بن زهير.
وانظر: الكامل للمبرد/ ٣٦٤ وشرح السيرافي ١/ ٢٤٥. وأمالي السيد المرتضي ٢/ ١١٦. واللسان ٥/ ١٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>