للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السين: تقول: ضربت وَسْطَهُ, وَوَسْطَ الدار واسع, وهذا في وَسَط الكتاب, لأن ما كان معه حرف الجر فهو اسم بمنزلة زيد وعمرو.

وأما قول الشاعر١:

هَبَّتْ شَمالًا فذِكرى ما ذكرتُكُم ... عِنْدَ الصَّفَاةِ التي شرقيَّ حَوَرانَا

فإنه جعل الصفاة في ذلك الموضع, ولو رفع الشرقي لكان جيدًا بجعل الصفاة هي الشرق بعينه, ونقول: زيد خلفك وهو الأجود. فإن جعلت زيدًا هو الخلف قلت: زيد خلفك فرفعت. وتقول: سير بزيد فرسخان يومين وإن شئت: فرسخين يومان, أي: ذلك أقمته مقام الفاعل على سعة الكلام وصلح.

وتقول: ضربت زيدًا يوم الجمعة عندك ضربًا شديدًا, فالضرب مصدر, ويوم الجمعة ظرف من الزمان, وعندك ظرف من المكان, وقولك: شديدًا نعت للمصدر, ليقع فيه فائدة. فإذا بنيت الفعل لما لم يسم فاعله, رفعت زيدًا وأقررت/ ٢٢١ الكلام على ما هو عليه؛ لأنه لا سبيل إلى أن تجعل شيئًا من هذه التي ذكرنا من ظرف أو مصدر في مكان الفاعل, والاسم الصحيح معها, فإن أدخلت "شاغلًا" من حروف الإِضافة كنت مخيرًا بين هذه الأشياء وبينه. فإن شئت نصبت الظرف والمصدر وأقمت الاسم الذي


١ من شواهد سيبويه ١/ ١١٣، ٢٠١. على نصب "شرقي" على الظرف، إذ لا يسوغ هنا رفعه لحذف الضمير، ولو أظهر فقال: هي التي شرقي حورانا لجاز الرفع على الاتساع. ورواية سيبويه: هبت جنوبا.
وصف أنه تغرب عن أهله ومن يحبه وصار في شق الشمال فكلما هبت الشمال ذكرهم لهبوبها من شقهم.
وحوران: مدينة من مدن الشام. وأضمر الريح في "هبت" لدلالة الشمال عليها.
وما زائدة مؤكدة، والتقدير: فذكرتكم ذكرى. والصفاة: الصخرة الملساء، وهي هنا موضع بعينه والبيت من قصيدة طويلة لجرير في هجاء الأخطل.
وانظر: الكامل للمبرد/ ٤٦٨. وشروح سقط الزند ٣/ ١١٩٤، والديوان/ ٥٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>