للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المجرور إذا كانت له فتقول: مررت راكبًا بزيد إذا كان "راكبًا" حالًا لك وإن كان لزيدٍ لَمْ يجز لأن العامل في "زيد" الباءُ فلمَّا كانَ الفِعْل لا يصلُ إلى زيدٍ إلا بحرفِ جر لم يجز أن يعمل في حالِه قبل ذكر الحرف.

والبصريون يجيزون تقديم الحال على الفاعل والمفعول والمكنى والظاهر إذا كان العامل فعلًا١, يقولون: جاءني راكبًا أخوك وراكبًا جاءني أخوك وضربت زيدًا راكبًا وراكبًا ضربت زيدًا فإن كان العامل معنى. لم يجز تقديم الحال تقول: زيد فيها/ ٢٣٩ قائمًا فالعامل في "قائم" معنى الفعل لأن الفعل غير موجود. ولا يجوز أن تقول: قائمًا زيد فيها ولا زيدٌ قائمًا فيها.

والكوفيون لا يقدمون الحال في أول الكلام؛ لأن فيها ذكرًا من الأسماء فإن كانت لمكنى جاز تقديمها٢, فيشبهها البصريون بنصب التمييز ويُشَبّهها الكسائي بالوقت.

وقال الفراء: هي بتأويل جزاء وكان الكسائي يقول: رأيت زيدًا ظريفًا,


١ قال المبرد: وإذا كان العامل في الحال فعلا، صلح تقديمها وتأخيرها, لتصريف العامل فيها، فقلت: جاء زيد راكبا، وراكبا جاء زيد، وجاء راكبا زيد. قال الله عز وجل: {خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ} .
انظر المقتضب ٤/ ٣٠٠.
وذكر ابن هشام: أن الحال تتقدم على عاملها إذا كان فعلا متصرفا، أو وصفا يشبهه نحو: {خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ} وقوله:
عدس ما لعباد عليك إمارة ... نجوت وهذا تحملين طليق
أي: وهذا طليق محمولا لك. المغني ٢/ ٤٦٢.
٢ يذهب الكوفيون إلى أنه لا يجوز تقديم الحال على الفعل العامل فيها مع الاسم الظاهر -أي: إذا كان صاحب الحال- الذي هو الفاعل للفعل مثلا اسما ظاهرا نحو: راكبا جاء زيد، ويجوز مع المضمر نحو: راكبا جئت، وذلك لأنه يؤدي إلى تقديم المضمر على المظهر. ألا ترى. أنك إذا قلت: راكبا جاء زيد كان في "راكبا" ضمير زيد وقد تقدم عليه، وتقديم المضمر على المظهر لا يجوز. الإنصاف ١/ ١٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>