للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واعلم: أن الأسماء التي تنصب على التمييز لا تكون/ ٢٤٨ إلا نكرات تدل على الأجناس, وأن العوامل فيها إذا كن أفعالًا, أو في معاني الأفعال كنت بالخيار في الاسم المميز إن شئت جمعته, وإن شئت وحَّدته تقول: طبتم بذلك نفسًا, وإن شئت أنفسًا قال الله تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا} ١, وقال تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا} ٢, فتقول على هذا: هو أفره الناس عبيدًا, وأجود الناس دورًا.

قال أبو العباس: ولا يجوز عندي: عشرون دراهم يا فتى, والفصل بينهما أنك إذا قلت: عشرون فقد أتيت على العدد فلم يحتج إلا إلى ذكر ما يدل على الجنس. فإذا قلت: هو أفره الناس عبدًا جاز أن تعني عبدًا واحدًا فمن ثم اختير وحسن إذا أردت الجماعة أن تقول: عبيدًا٣, وإذا كان العامل في الاسم المميز فعلًا جاز تقديمه عند المازني٤ وأبي العباس٥, وكان سيبويه لا يجيزه٦, والكوفيون في ذلك على مذهب سيبويه فيه لأنه يراه


١ النساء: ٤.
٢ الكهف: ١٠٣. وانظر سيبويه ١/ ١٠٣.
٣ انظر: المقتضب ٣/ ٣٤.
٤ المازني: هو أبو عثمان بكر بن عثمان المازني أستاذ المبرد. مات سنة ٢٤٩هـ وقيل: ٢٣٦ ترجمته في طبقات الزبيدي ١٤٣، معجم الأدباء جـ٧/ ١٠٧، وإنباه الرواة جـ١/ ٢٤٦.
٥ انظر المقتضب جـ٣/ ٣٦ قال المبرد: واعلم: أن التبيين إذا كان العامل فيه فعلا جاز تقديمه، لتصرف الفعل فقلت: تفقأت شحما، وتصببت عرقا، فإن شئت قدمت فقلت: شحما تفقأت، وعرقا تصببت، وقال: وتقول: راكبا جاء زيد، لأن العامل فعل، فلذلك أجزنا تقديم التمييز إذا كان العامل فعلا وهذا رأي أبي عثمان المازني.
٦ انظر الكتاب جـ١/ ١٠٥: لا يجيز سيبويه تقديم التمييز إذا كان عامله فعلا، لأنه يراه كقولك عشرون درهما، وهذا أفرههم عبدا. قال: جاء من الفعل ما أنفذ إلى مفعول ولم يقو قوة غيره، مما قد تعدى إلى مفعول وذلك قولك: امتلأت ماء، وتفقأت شحما، ولا تقول: امتلأته، ولا تفقأته، ولا يعمل في غيره من المعارف، ولا يقدم لمفعول فيه فتقول: ماء امتلأت، كما لا تقدم المفعول فيه في الصفات المشبهة، ولا في هذه الأسماء لأنها ليست كالفاعل وذلك لأنه فعل لا يتعدى إلى مفعول وإنما هو بمنزلة الأفعال، وإنما أصله: امتلأت من الماء، وتفقأت من الشحم ...

<<  <  ج: ص:  >  >>