للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزعم الخليل: أن هذا يشبه قول الفرزدق:

فَلَوْ كُنْتٌ ضَبِّيًا عَرَفْت قَرَابتي ... وَلَكِنَّ زِنجيٌ عَظِيمُ المشافِرِ١

قال سيبويه: والنصب أكثر في كلام العرب, كأنه قال: ولكن زنجيا عظيم المشافر لا يعرف قرابتي. ولكنه أضمر هذا. قال: والنصب أجود, لأنه لو أراد الإِضمار لخفف ولجعل المضمر مبتدأ كقولك: ما أنت صالحًا ولكن طالح: وتقول: إن مالًا وإن ولدًا, وإن عددًا أي: إن لهم٢ / ٢٧٨ مالًا, والذي أضمرت "لهم" وقال الأعشى:

إنَّ محلًا وإنَّ مرتحلًا ... وإنَّ في السفر إذ مَضَوْا مَهَلًا٣


١ من شواهد سيبويه ١/ ٢٨٢ و٢٨٤ على جواز حذف اسم "لكن" والتقدير: ولكنك زنجي، ويجوز نصب "زنجي" "بلكن" على إضمار الخبر وهو أقيس. والتقدير: ولكن زنجيا عظيم المشافر لا يعرف قرابتي. والبيت في هجاء رجل من ضبة اسمه: أيوب بن عيسى فنفاه عنها ونسبه إلى الزنج. وأصل المشفر للبعير فاستعاره للإنسان لما قصد به تشنيع الخلق. والقرابة التي بين ضبة وبينه، أنه من تميم بن مر بن أد بن طابخة وضبة هو ابن أد بن طابخة. وقافية البيت اشتهرت عند النحويين كذا وصوابه:
"ولكن زنجيا عظيما مشافره" وبعده:
مقتت له بالرحم بين وبينه ... فألقيته مني بعيدا أواصراه
ورواية الديوان:
ولو كنت ... .... ولكن زنجي.
وانظر: مجالس ثعلب ١/ ١٠٥ وشرح السيرافي ٣/ ٦ والمحتسب ٢/ ١٨٢ وجمهرة اللغة ٣/ ٤٩٠، والأغاني ١٩/ ٢٤، والمخصص ٧/ ٤٨، وشرح القصائد السبع لابن الأنباري/ ١٤٥، وابن يعيش ٨/ ٨٢، والمغني ١/ ٣٢٣ والإنصاف/ ١٨، والديوان/ ٤٨١.
٢ انظر الكتاب ١/ ٢٨٢ و٢٨٤.
٣ من شواهد الكتاب ١/ ٢٨٤، على جواز حذف خبر "إن" للعلم ولا يشترط في ذلك أن يكون الاسم معرفة، بل هو جائز سواء أكان الاسم معرفة أم نكرة، وسواء كررت "إن" أم لم تكرر وزعم الكوفيون: أنه يشترط تنكير الاسم، وزعم الفراء، أنه يشترط تكرير "إن" ويروى: إذ مضوا مهلا. والمحل والمرتحل: مصدران ميميان بمعنى الحلول والارتحال، أو اسما زمان، أي: إن لنا في الدنيا حلولا، وإن لنا عنها ارتحالا. والسفر: اسم جمع مسافر وقيل جمع سافر. والمهل: السبق. والبيت مطلع قصيدة للأعشى في المدح. وانظر المقتضب ٤/ ١٣٠، وشرح السيرافي ٣/ ٨، والخصائص ٢/ ٣٧٣، وأمالي الشجري ١/ ٣٢٢ وابن يعيش ٨/ ٨٤، والمغني ١/ ٨٧ تحقيق: د. مازن المبارك، والسيوطي/ ٨٤, والأغاني ٩/ ١٢١ وروايته: وإن في السفر من مضى مهلا. والخزانة ٤/ ٣٨١. والمحتسب ١/ ٣٤٩، والديوان ١٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>