للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم: أن "إنَّ وأخواتها" قد يجوز أن تفصل بينها وبين, أخبارها بما يدخل لتوكيد الشيء أو لرفعه؛ لأنه بمنزلة الصفة في الفائدة يوضح عن الشيء ويؤكده وذلك قولك: إن زيدًا فافهم ما أقول رجل صالح, وإن عمرًا والله ظالم, وإن زيدا هو المسكين مرجوم؛ لأن هذا في الرفع يجري مجرى/ ٢٩٣ المدح والذم في النصب وعلى ذلك يتأول قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا، أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ} ١, فأولئك هو الخبر.

ومذهب الكوفيين والبغداديين في "إن" التي تجاب باللام, يقولون: هي بمنزلة "ما" وإلا وقد قال الفراء: إنها بمنزلة "قد" وتدخل أبدًا على آخر الكلام نحو قولك: إن زيدًا لقائم, تريد: ما زيد إلا قائم, وقد قيل: إنه, يريد: قد قام زيد, وكذلك: إن ضرب زيد لعمرًا, وإن أكل زيد لطعامك وكان الكسائي يقول: هي مع الأسماء والصفات -يعني بالصفات والظروف- إن المثقلة خففت, ومع الأفعال بمعنى ما وإلا, وقال الفراء: كلام العرب أن يولوها الماضي قالوا: وقد حكى: إن يزينك لنفسك وإن يشينك لهيه, وقد حُكي مع الأسماء وأنشدوا٢:

فقلت:

إن القوم الذي أَنَا مِنهم ... لأَهل مَقَامَات وشَاء وجامِلِ٣


١ الكهف: ٣٠.
٢ رد ما ذهب إليه الكسائي بسماع الإعمال. يؤيد ذلك ما ذكره سيبويه من جواز إعمالها مع التخفيف، فحال "إن" المخففة كحالها وهي مشددة في جميع الأحكام إلا في شيء واحد، وهو أنها لا تعمل في الضمير بخلاف المشددة، تقول: إنك قائم، ولا تقول: إنك قائم، وانظر الارتشاف/ ٥٨٣. والأشباه والنظائر ٢/ ٦١.
٣ لم أعثر لهذا الشاهد على ترجمة في كتب النحو واللغة والأدب.

<<  <  ج: ص:  >  >>