للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أراد أن يحكي كما قال: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ} ١ كأنه قال والله أعلم: قالوا: ما نعبدهم٢, فعلى هذا عندي قراءة: {فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ} أي: دعا ربه فقال: إني مغلوب. وتكسر أيضًا بعد إلا في قولك: ما قدم علينا أمير إلا إنَّهُ مكرم لي, لأنه ليس هنا شيءٌ يعمل في "إن" ولا يجوز أن تكون عليه.

قال سيبويه: ودخول اللام ههنا يدلك على أنه موضع ابتداء٣. قال الله تعالى/ ٢٩٨: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ} ٤, فإن زال ما بعد إلا عن الابتداء وبنيته على شيء فتحت تقول: ما غضبت عليك إلا أنك فاسق, كأنك قلت: إلا لأنك فاسق, وأما قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ} ٥. فإنما حمله على "منعهم" أي: ما منعهم إلا أنهم كفروا, فموضع: أنهم كفروا, رفع, أي: ما منعهم إلا كفرُهم, فلما صار لها موضع فتحت.

و"حتى":

تبتدأ بعدها الأسماء وهي معلقة لا تعمل في "إن" وذلك قولك: قد قاله القوم حتى إن زيدًا يقوله: وانطلق الناس حتى إن عمرًا لمنطلق. وأحال٦ سيبويه أن تقع المفتوحة ههنا, وكذلك إذا قلت: مررت فإذا إنَّهُ


١ الزمر: ٣. وانظر الكتاب ١/ ٤٧١: كأنه قال والله أعلم: قالوا: ما نعبدهم، ويزعمون: أنها في قراءة ابن مسعود كذا. ومثل ذلك كثير في القرآن.
٢ انظر الكتاب ١/ ٤٧١.
٣ انظر الكتاب ١/ ٤٧٢. وشرح الرماني ٢/ ١٨٤.
٤ الفرقان: ٢٠. وفي الكتاب ١/ ٤٧٢، ودخول اللام ههنا يدلك على أنه موضع ابتداء.
٥ التوبة: ٥٤.
٦ قال سيبويه: ولو أردت أن تقول: حتى إن في هذا الموضع, أي: موضع الابتداء كنت محيلا، لأن أن وصلتها بمنزلة الانطلاق.
الكتاب ١/ ٤٧١، وشرح الرماني ٢/ ١٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>