للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مضافة وذلك قولك: كم غلام لك قد ذهب, جعلوها في الاستفهام بمنزلة: عشرين وفي الخبر بمنزلة: ثلاثة, تجر ما بعدها ولا تعمل "كم" في الخبر إلاّ فيما تعمل فيه "رب" في اسم نكرة لا يجوز أن تدخل فيه الألف واللام كما فعلت ذلك في مائة الدرهم وما أشبهها, ولا تعمل إلا في نكرة نصبت أو خفضت فتقول: كم رجل قد لقيت, وكم درهم قد أعطيت. وإن شئت قلت: كم رجال قد لقيت, وكم غلمان قد وهبت, فيجوز الجمع إذا كانت خبرًا, ولا يجوز إذا كانت استفهامًا أن تفسر/ ٣٦٣ بجميع. وتقول العرب: كم رجل أفضل منك, تجعله خبر "كم" وحكى ذلك: يونس عن أبي عمرو١, وكم تفسر ما وقعت عليه من العدد بالواحد المنكور, كما قلت: عشرون درهمًا أو بجمع منكور نحو: ثلاثة أثواب. وهذا جائز في التي تقع في الخبر. فأما التي في الاستفهام فلا يجوز فيها إلا ما جاز في العشرين٢, وناس من العرب يعملونها في الخبر كعملها في الاستفهام فينصبون كأنهم يقدرون التنوين ومعناها منونة وغير منونة سواء. وبعض العرب ينشد:

كَمْ عمةً لَكَ يَا جَريرُ وخَالةً ... فَدْعَاءُ قَدْ حلَبَتْ عليَّ عِشَارِي٣


١ انظر: الكتاب ١/ ٢٩٣.
٢ انظر: الكتاب ١/ ٢٩٣.
٣ من شواهد الكتاب ١/ ٢٥٣، ٢٩٣.
والمبرد يرى أن "كم" استفهامية في البيت، وتوجيه ذلك بأن الاستفهام ليس على معناه الحقيقي، ولكنه على سبيل التهكم والسخرية. فكأنه يقول لجرير: أخبرني عن عدد عماتك وخالاتك اللاتي حلبن على عشارى. فقد ذهب عني عددها. وكم: مبتدأ، خبرها: جملة "قد حلبت" وأفرد الضمير مراعاة للفظ "كم".
والفدع: إعوجاج في رسغ اليد من كثرة الحلب أو في رسغ الرجل من كثرة الرعي. والعشار: جمع عشراء وهي الناقة الحامل في شهرها العاشر.
والبيت للفرزدق في هجاء جرير.
وانظر: المقتضب ٣/ ٥٨، والموجز لابن السراج/ ٤٤، وشرح السيرافي ٣/ ١٩، والجمل للزجاجي/ ١٤٨، وابن يعيش ٤/ ١٣٣، وشرح الكافية للرضي ٢/ ٩٣، والمغني ١/ ٢٠٢، والنقائض/ ٣٣، والديوان/ ٤٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>