للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوعد كأنه قد كان كما قال: {وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ} ١. ولم يكن, فكأنه قد كان لصدق الوعد. ولا يجوز: رُبَّ رجل سيقوم, وليقومن غدًا٢, إلا أن تريد: رُبّ رجل يوصف بهذا تقول: رب رجل مسيء اليوم ومحسن غدًا أي: يوصف بهذا ويجوز: ربما رجل عندكَ فتجعل: "مَا" صلة ملغاة.

واعلم: أنّ العربَ تستعملُ الواوَ مبتدأة بمعنى: "رُبَّ" فيقولون: وبلد قطعتُ يريدونُ ورُبَّ٣ بلد وهذا كثير.

وقال بعض النحويين: أن الواو التي تكونَ معَ المنكراتِ ليست بخلف من "رُبَّ" ولا كم وإنما تكون مع حروف الاستفهام فتقول: وكم قد رأيت {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ} ٤, يدل على التعجب ثم تسقط/ ٤٩٨ كم وتترك الواو, ولا تدخل مع رُبَّ, ولو كانت خلفًا مِن "كم" لجازَ أن يدخلَ


١ سبأ: ٥١.
٢ قال أبو حيان في الارتشاف/ ٨٥١: أن العامل في رب يكون ماضيا في الأكثر، ويجوز أن يكون حالا ومستقبلا، وهذا قليل في كلامهم، وإنما يوقعونها على الماضي. ثم اعتذر عن قوله تعالى: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِين ... } ثم قال: ومع هذا يحسن أن يقال في الكلام: رأيت الرجل يفعل ما يخاف منه، ربما يندم، وربما يتمنى أن لا تكون فعلت. قال أبو حيان: وهذا كلام عربي حسن. ومثله قال الفراء. انظر: الارتشاف/ ٨٥٢.
٣ أجاز سيبويه: حذف "رب" وإبقاء عملها، قال: وليس كل جار يضمر، لأن المجرور داخل في الجار فصار عندهم بمنزلة حرف واحد، فمن ثم قبح، ولكنهم قد يضمرونه ويحذفونه فيما كثر في كلامهم، لأنهم إلى تخفيف ما أكثروا استعماله أحوج. ثم ذكر قول العنبري:
وجداء ما يرجى بها ذو قرابة ... لعطف وما يخشى السماة ربيبها
قال: سمعنا ذلك ممن يرويه عن العرب، وانظر: الكتاب ٢/ ٢٩٤. إشارة إلى أن بعض العرب ينصب هذا النوع على الفعل الذي بعده، لكنه يرى أنه مجرور "برب" المحذوفة وهو القياس.
٤ آل عمران: ١٠١ وتكملة الآية: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ} .

<<  <  ج: ص:  >  >>