للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النكرة نصبه هنا على الحال، فقال: مررت بعبدِ اللهِ خيرًا منهُ أبوهُ، وهي لغةٌ رديئةٌ١، وقد يكون حالًا ما لا يكون صفةً، لأن الحال زيادة في الخبر فأشبهت خبر المبتدأ الذي يجوزُ أن يكون صفةً ويجوز أن يكون اسمًا, والصفة ما كانت تفرق بين اسمين، والحال ليست تفرق بين اسمين, وقد يجوز أن يكون من اسم لا شريكَ له في لفظه ولكنها تفرق بين صاحبِ الفعل فاعلًا كان أو مفعولًا وبين نفسه في وقتهن فمما استعملوه حالًا ولم يجز أن يكون صفةً.

قولهم: مررتُ بزيد أسدًا شدة، قال سيبويه: إنما قال النحويون: مررتُ برجلٍ أسدًا شدةً وجرأةً، إنما يريدون: مثل الأسد وهذا ضعيفٌ قبيحٌ لأنه لم يجعل صفةً، إنما قاله النحويون تشبيهًا بقولهم: مررتُ بزيدٍ أسدًا شدةً، وقد يكون خبرًا ما لا يكون صفةً٢ واعلم أنهم ربما وصفوا بالمصدر نحو قولك: رجلٌ عدلٌ وعلم، فإذا فعلوا هذا فحقه أن لا يثنى ولا يجمع، ولا يذكّر ولا يؤنث والمعنى إنما هو ذو عَدلٍ فإن ثنى من هذا شيءٌ فإنما يشبه بالصفة إذا كثر الوصف به والنكرة توصف بالجمل وبالمبتدأ والخبر والفعل والفاعلِ، لأن كلَّ جملة فهي نكرةٌ، لأنها حديثٌ وإنما يحدث بما لا يعرف ليعيدهُ السامع فيقول: مررتُ برجلٍ أبوهُ منطلقٌ فرجل صفته مبتدأ وخبره وتقول: مررتْ برجلِ قائمٌ أبوهُ فهذا موصوف بفعل وفاعلٍ ولا يجوز أن تصف المعرفة بالجمل لأن الجملَ نكراتٌ والمعرفة لا توصف إلا بمعرفةٍ فإذا أردت ذلك أتيت "بالذي" فقلت: مررتُ بزيدٍ الذي أبوهُ قائمٌ، وبعمروٍ الذي قائمٌ أبوهُ.

ذكر وصف المعرفة:

وهو ينقسم بأقسام المعارف إلا المضمر فإنه لا يوصف به، وأقسام


١ انظر الكتاب ١/ ٢٣٣.
٢ انظر الكتاب ١/ ٢٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>