للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنحو قولك: مررت بزيدٍ رجلٍ صالحٍ كما قال الله عز وجل: {بِالنَّاصِيَةِ، نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} ١، فهذا إبدال نكرة من معرفة، وأما إبدال الظاهر من المضمر فنحو قولك: مررتُ بهِ زيدٍ وبهما أخويك, ورأيت الذي قامَ زيدٌ، تبدل زيدًا من الضمير الذي في "قام" ولا يجوز أن تقول: رأيتُ زيدًا أباهُ والأب غير زيدٍ؛ لأنك لا تبينه لغيره.

الثاني: ما أبدل من الأول وهو بعضه: وذلك نحو قولك: ضربتُ زيدًا رأسَهُ٢، وأتيتُ قومَكَ بعضَهم، ورأيتُ قومَكَ أكثَرهم، ولقيت قومكَ ثلاثَتهم, ورأيت بني عمِّكَ ناسًا منهم, وضربت وجوهها أولها قال سيبويه: فهذا يجيء على وجهيِن٣: على أنه أراد أكثَر قومِكَ، وثلثي قومكَ، وضربتُ وجوهَ أولِها، ولكنه ثنى الاسم تأكيدًا، والوجه الآخر: أن يتكلم فيقول: رأيتُ قومَكَ ثم يبدو أن يبين ما الذي رأى منهم, فيقول: ثلاثتَهم، أو ناسًا منهم، ومن هذا قوله عز وجل: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} ٤ والمستطيعونَ بعضُ الناسِ.

الثالث: ما كان من سبب الأول: وهو مشتمل عليه نحو: سُلبَ زيدٌ ثوبَهُ وسرق زيد مالُه؛ لأن المعنى: سُلبَ ثوب زيد, وسرق مالُ زيدٍ, ومن ذلك قول الله عز وجل: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} ٥ لأن المسألة في المعنى عن القتال في الشهر الحرام، ومثله: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ، النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ} ٦، وقال الأعشى:


١ العلق: ١٥، ١٦، والآية: {كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ....} وانظر الكتاب ١/ ٢٦٠، و١/ ١٩٨.
٢ أردت أن تبين موضع الضرب، فصار كقولك: ضربت رأس زيد.
٣ انظر الكتاب ١/ ٧٥.
٤ آل عمران: ٩٧، وانظر الكتاب ١/ ٧٥-٧٦.
٥ البقرة: ٢١٧، وانظر الكتاب ١/ ٧٥.
٦ البروج: ٤، وانظر المقتضب ٤/ ٢٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>