متمكنًا ينصب بغير تنوين لقلنا: إنه منصوب غير مبني، فكما تقول: إن المنادى المفرد بني على الضم كالمعرب المرفوع، تقول في هذا: إنه معرب كالمبني المفتوح؛ ولهذا لا يجوز أن ينعت الرجل على الموضع١، فيرفع لأن موضع "رجلٍ" نصبٌ؛ لأنه لو كان موضعه مضافًا ما كان إلا نصبًا؛ فلهذا قلنا: إنه بني على التقدير الذي كان له وموضع "لا" مع رجلٍ رفعٌ موضعُ ابتداءٍ كما كانت إن مع ما عملت فيه, إلا أن النحويين أجازوا: لا رجلَ ظريفٌ وقالوا: رفعناه على موضع: لا رجل وإنما جاز هذا مع "لا" ولم يجز مع "أن" لأن "لا" مع رجلٍ بمنزلة اسم واحد وليست "إنَّ" مع ما عملت فيه بمنزلة شيء واحد, لو قلت: إن زيدًا العاقلُ منطلقٌ لم يجز وقد ذكرت هذا في باب إنّ ويدلك أيضًا على أن "لا" مع ما عملت فيه بمنزلة اسم واحد أنه لا يجوز لك أن تفصل بين "لا" والاسم ومتى فعلت ذلك لم يكن إلا الرفع، وذلك قولك: لا لك مالٌ, ولا تقول: لا لكَ مالَ، لأن "لكَ" قد منع البناء وقد حكي عن بعضهم: لا رجلَ وغلامَ لك فحذف التنوين من الثاني وشبهه بالعطف على النداء وهذا شاذٌّ لا يعرج عليه وإنما حكمنا على "لا" أنها نصبت في قولك: لا رجلَ لقولهم: لا رجلَ وغلامًا لكَ, وأنه يجوز أن تقول: لا رجل وغلامًا منطلقان, فلو لم تكن "لا" نصبت لم يجز أن تعطف على رجل منصوبًا, فهذا الفرق بين "لا" رجلَ وخمسة عشَر. وقد عرفتك من أين تشابها ومن أين افترقا, وأما عطف المفرد على المفرد في النداء فلا يجوز أن تعطفه على الموضع لو قلت: يا زيدُ وعمرًا لم يجز من قبل أن زيدًا إنما بني؛ لأنه منادى مخاطب باسمه. والصلة التي أوجبت البناء في زيدٍ هي التي أوجبت البناء في عمرٍو وهُما في ذلك سواءٌ, ألا ترى أنهم يقولون: يا عبد الله وزيدٌ فيضمون الثاني والأول منصوب لهذه العلة، ولولا ذلك لما جاز وليس مثل هذا في سائر ما يعطف عليه.