للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرح القسم الثاني: وهو حرف الجزاء:

اعلَمْ: أنَّ لحرف الجزاء ثلاثة أحوال؛ حالٍ يظهر فيها، وحالٍ يقع موقعه اسم يقوم مقامه ولا يجو أن يظهر معه، والثالث أن يحذف مع ما عمل فيه, ويكون في الكلام دليل عليه. فأما الأول الذي هو حرف الجزاء: فإن الخفيفة, ويقال لها: أم الجزاء وذلك قولك: إن تأتني آتِكَ, وإنْ تقمْ أقم, فقولك: إن تأتني شرط وآتِكَ جوابهُ, ولا بُدَّ للشرطِ من جوابٍ وإلا لم يتم الكلام, وهو نظيرُ المبتدأ الذي لا بُدَّ له من خبر، ألا ترى أنَّك لو قلت: "زيدٌ"١ لم يكن كلامًا يقال فيه صدقٌ ولا كذبٌ، فإذا قلت: منطلقٌ تَمَّ الكلام, فكذلك إذا قلت: إنْ تأتني لم يكن كلامًا حتى تقولَ: آتِكَ وما أشبه وحَقُّ "إن" في الجزاء أن يليها المستقبل من الفعل؛ لأنك إنما تشرط فيما يأتي أنْ يقعَ شيءٌ لوقوع غيره, وإنْ وليها فعل ماضٍ أحالت معناه إلى الاستقبال, وذلك قولك: إنْ قمتَ قمتُ, إنما المعنى: إنْ تَقمْ أقم "فإنْ" تجعل الماضي مستقبلًا، كما أنَّ "لَمْ" إذا وليها المستقبل جعلته ماضيًا, تقول: لم يقمْ زيدٌ أمسِ، والمعنى: ما قام, فعلى هذا يجوز أن تقول: إنْ لَم أَقمْ لَم أَقمْ, فلا بد لشرط الجزاء من جواب, والجواب يكون على ضربين: بالفعل ويكون بالفاء, فالفعل ما خبرتُكَ به, فأما الفاء فنحو قولك: إنْ تأتني فأنا أكرمُكَ, وإنْ تأتِ زيدًا فأخوه يحسن إليكَ, وإنْ تتّقِ الله فأنتَ كريمٌ, فحق الفاء إذا جاءت للجواب أن يُبتدأ بعدها اللام, ولا يجوز أن


١ في الأصل "إن تأتني" وليس لها معنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>