للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن يهبها أيضًا يلقَها، ولكنه قالَ هذا لِمَنْ يهابُ لينجو، ومثل ذلك: إنْ شتمتني لم أشتمكَ, وهو يعلم أنه إنْ لم يشتمني لم أشتمه ولكنهُ قيل هذا؛ لأنه كان في التقدير أنه إنْ شتَم شُتِمَ كما كان في تقدير الفارِّ من الموت أن فراره ينجيه. وقال: قال سيبويه: إنَّ حروف الجزاء إذا لم تجزم جاز أن يتقدمها أخبارها نحو: أنت ظالمٌ إن فعلت, ثم أجرى حروفَ الجزاء كلها مجرًى واحدًا وهذه حكاية قول سيبويه, وقد تقول: إنْ أتيتني آتيكَ أي: آتيك إنْ أَتيتني، قال زهير:

وإنْ أَتَاهُ خَلِيلٌ يَوْمَ مَسْأَلَةٍ ... يَقُولُ لا غَائِبٌ مالِي ولا حَرِمُ١

ولا يحسن: إنْ تأتني آتيكَ، مِنْ قبل أنَّ "إنْ" هي العاملة.

وقد جاء في الشعر, قال:

يَا أَقْرَعُ بن حَابِسٍ يا أَقْرَعُ ... إنَّكَ إنْ يُصْرَعْ أَخُوكَ تُصْرَعُ٢


١ من شواهد سيبويه ١/ ٤٣٦ على رفع "يقول" على نية التقديم والتقدير: يقول: إن أتاه خليل، وجاز هذا لأن "إن" غير عاملة في اللفظ, والخليل من الخلة وهو الفقر. والبيت لزهير يمدح الهرم بن سنان.
وانظر: المقتضب ٢/ ٧٠, والكامل/ ٧٨, والجمهرة ٢/ ٦٩, والمحتسب ٢/ ٦٥, والأمالي ١/ ١٩٦, والإنصاف/ ٣٢٩, والمسلسل من غريب لغة العرب/ ٩٣, وشروح سقط الزند ١/ ٣٢٨, وتهذيب إصلاح المنطق ٢/ ٢٩, والديوان/ ١٥٣, والرواية:
وإن أتاه خليل يوم مسألة.
٢ من شواهد سيبويه ١/ ٤٣٨ على التقديم والتأخير، والتقدير عنده: إنك تصرع إن يصرع أخوك، والجواب محذوف، وابن السراج يقطع بتقدير الفاء فيه؛ لأن ما يحل محلا يمكن أن يكون له، ولا ينوي به غيره. والواقع أن التقديم والتأخير يحوج إلى جواب, ودعوى حذفه وجعل المذكور دليله خلاف الأصل وخلاف المسألة؛ لأن الغرض أنه الجواب, وإضمار الفاء مع غير القول مختص بالضرورة.
والبيت من رجز لعمرو بن خثارم البجلي, خاطب به الأقرع بن حابس المجاشعي في شأن منافرة جرير بن عبد الله البجلي وخالد بن أرطأة الكلبي، وهما حكما الأقرع المذكور.
وانظر: المقتضب ٢/ ٧٢, والكامل/ ٧٨, وشرح السيرافي ٣/ ٢٢٦, وأمالي ابن الشجري ١/ ٨٤, وارتشاف الضرب/ ٢٨٦, والروض الأنف ١/ ٦٠, وابن يعيش ٨/ ١٥٨, والمغني/ ٦١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>