للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزعم يونس أنَّهم يقولونَ: رُبَّما تقولنَّ ذاك، وكثر ما تقولنَّ ذاك؛ لأنه فِعْل غير واجبٍ١، ولا يقعُ بعد هذه الحروف إلا و"ما" له لازمة، وإن شئت لم تدخل النون فهو أجودُ، فهذه النون تفتح ما قبلها مرفوعًا كان أو مجزومًا, فإذا أدخلت النون الشديدة على "يفعلانِ" حذفت النون التي هي علامة الرفع لاجتماع النونات, ولأن حقه البناء فينبغي أن تطرح الذي هو علامة الرفع، وكذلك النون في "يفعلون" تقول: ليفعلن ذاكَ وقد حذفت النون فيما هو أشد من هذا؛ لاجتماع النونات قرأ بعض القراء: {أَتُحَاجُّونِّي} ٢، و {فَبِمَ تُبَشِّرُونّ} ٣ وسقطت الواو لالتقاء الساكنين, فصار ليفعلنّ فإن أدخلتها على "تَضربينَ" حذفت أيضًا النون لاجتماع النونات لأنها تكون علمًا للرفع, وحذفت الياء لالتقاء الساكنين فقلت: هل تضربينَ؟ وتقول: اضربنَ زيدًا وأكرمن عمرًا وكان الأصل اضربي وأكرمي وتقول لجماعة المذكرينَ: اضربُنَّ زيدًا, كانَ الأصلُ: اضربوا وأكرموا, فسقطتِ الواو لالتقاء الساكنين, وتقول في التثنية: اضربانِ يا رجلانِ بكسر النونِ تشبيهًا بالنون التي تقعُ بعدَ الألف وهي فيما سوى هذا مفتوحة, ومتى دخلت النون بعد حرف إضمارٍ تحرك إذا لقيته لام المعرفة، حرك لها, تقول: ارضونَّ زيدًا واخشونَّ عمرًا وارضينَّ يا امرأةُ؛ لأنك تقول: اخشُو فتضم, وتقول: ارضي الرجلَ فتكسر فلذلك ضممتَ وكسرتَ مع النونِ, فإنْ أدخلت النون على تضربنَ الذي هو لجماعةِ المؤنث قلت: هَل تضربنانِ يا نسوةُ؟ واضربنانِ، لم تسقطْ هذه النون لأنها اسمٌ للجماعة وفصلت بين النونات بالألف؛ لئلا تجتمعَ النوناتُ.


١ انظر الكتاب ٢/ ١٥٣.
٢ الأنعام: ٨٠ والآية: {وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ} وقراءة نافع بالتخفيف, وغيره بالتشديد. انظر القرطبي ٧/ ٢٩.
٣ الحجر: ٥٤. والآية: {قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونّ} نافع وشيبة بكسر النون والتخفيف, وقرأ ابن كثير وابن محيصن بكسر النون مشددة. انظر القرطبي ١٠/ ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>