للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترى كثرة ما يعمل في الاسم وقلة ما يعملُ في الفعلِ، وحروف الجزاء يقبحُ١ أن يقدم٢ الاسمُ معها على٣ الأفعال, شبهوها بالجوازم التي لا تخلو من الجزم إلا أنَّ حروف الجزاءِ "فقط"٤ جاز ذلك فيها في الشعر؛ لأن حروف الجزاء يدخلها "فَعَلَ ويفعلُ" ويكون فيها الاستفهام، ويجوز في الكلام أن يلي "إن" الاسم إذا لم تجزم نحو قوله:

عَاودْ هراةَ وإنْ معمورُها خرِبا٥

وإن جزمت فلا يجوز إلا في الشعر؛ لأنها تشبهُ "بلَم"، وإنما جازَ هذا في "إنْ" لأنها أم الجزاء لا تفارقه كما جاز إضمار الفعل فيها حين قالوا: "إنْ خيرًا فخيرٌ وإنْ شرًّا فشرٌّ" وهي على كل حالٍ إنْ لَم يلها فِعلٌ في اللفظ فهو مقدر في الضمير. وأما سائر حروف الجزاء فهذا فيها ضعيفٌ, ومما جاء في الشعر مجزومًا في غير "إنْ" قول عَدي بن زيدٍ٦:

فَمَتَى وَاغِلٌ يَنُبْهُم يُحيُّو ... هُ وتُعْطَفْ عليهِ كَأْسُ السَّاقي٧


١ في الأصل: يصح، ولا معنى له.
٢ في "ب" الأسماء.
٣ في "ب" قبل الأفعال.
٤ في "ب" فقط ساقطة.
٥ من شواهد الكتاب ١/ ٤٥٧ على تقديم الاسم على الفعل بعد "إن" وحمله على إضمار فعل؛ لأن حرف الشرط يقتضيه مظهرًا أو مضمرًا، وجاز تقديمه مع الفعل الماضي في "إن" لأنها أم حروف الجزاء، فقويت وتصرفت في التقديم والتأخير.
قال الأعلم: وهراة: اسم أرض، وقال ياقوت: هراة: مدينة عظيمة من أمهات مدن خراسان زارها سنة ٦٠٧هـ، وهذا الشاهد لم ينسب لقائل معين ولم تعرف بقيته. وانظر الحماسة للمرزوقي ١/ ١٧٤.
٦ في "ب" فإن.
٧ من شواهد سيبويه ١/ ٤٥٨، والواغل: الداخل على الشرب من غير دعوة بمنزلة الوارش في الطعام، ينبهم: ينزل بهم. ورواه البغدادي في الخزانة:
فمتى واغل يزرهم.....
وانظر المقتضب ٢/ ٧٦، وابن الشجري ٢/ ٣٣٢، والإنصاف/ ٦١٧، وابن يعيش ٩/ ١٠, والخزانة ١/ ٤٥٦ و٣/ ٦٣٩، وحماسة البحتري/ ١٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>