للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يجوز أن تقع إلا على اسم "إنَّ" أو يكون بعدها خبره، فالاسم نحو قولك: "إنَّ خلفَك لزيدًا" والخبرُ نحو: "إنَّ زيدًا لآكلٌ طعامَكَ" فإن قلت: "إنَّ زيدًا آكلٌ لطعامكَ" لم يجز؛ لأنها لم تقع على الاسم ولا الخبر. ومن ذلك "ما" النافية، تقول: "ما١ زيدٌ آكلًا طعامَك"، ولا٢ يجوزُ أن تقدم "طعامَكَ" فتقول: "طعامَكَ ما زيدٌ آكلًا" ولا يجوز عندي تقديمهُ وإن رفعت الخبر, وأما الكوفيون٣ فيجيزون: "طعامَكَ ما زيد آكلًا" يشبهونها "بلَم" و"لنْ" وأَباهُ البصريون٤، وحجة البصريين أنهم لا يوقعون المفعول إلا حيثُ يصلحُ لناصبه أن يقعه، فلما لم يجزْ أن يتقدم الفعلُ على ما لم يجز أن يتقدم ما عَمِلَ فيه الفعل, والفرق بين "مَا" وبين "لَمْ ولَنْ": أنَّ "لَنْ ولَمْ لا يليهما إلا الفعلُ, فصارتا مع الفعلِ بمنزلة حروف الفعل"٥. وأجازَ البصريون٦: "ما طعامَكَ آكلٌ إلاّ زيدٌ" وأحالها الكوفيونَ إلا أحمد بن يحيى٧.

ومن ذلك "لا" التي تعمل في النكرة النصب وتُبنى معها لا تكون إلا صدرًا ولا يجوز أن تقدم ما بعدها على ما قبلها وهي مشبهة٨ "بإنَّ"، وإنما يقع بعدها المبتدأُ والخبرُ، فكما لا يجوز أن تقدم ما بعد "إنَّ" عليها كذلك


١ في "ب" ما زيدًا، وهو خطأ.
٢ في "ب" لا بدون الواو.
٣ جوز الكوفيون: ما زيد آكل؛ لأن "ما" بمنزلة لم ولن ولا، لأنها نافية، كما أنها نافية ... وانظر الإنصاف/ ١٠١.
٤ لأن "ما" معناها النفي ويليها الاسم والفعل, فأشبهت حرف الاستفهام. وحرف الاستفهام لا يعمل ما بعده فيما قبله، فكذلك "ما" لا يعمل ما بعدها فيما قبلها. وانظر الإنصاف/ ١٠١.
٥ في "ب" حروف من الفعل.
٦ في "ب" وأجازه.
٧ أي: ثعلب.
٨ في "ب" تشبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>