للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخبر فكل هذا جيد لأن "هي" منفصلٌ بمنزلة الأجنبي، ولو قلت: "غلامَ هندٍ ضربتْ أمُّها" كان جيدًا؛ لأن الأم منفصلة وإنَّما أضفتها إلى هند لما تقدم من ذكرها, فهندٌ ههنا وغيرها سواءٌ ألا ترى أني١ لو قلتُ: غلامُ هندٍ ضربتْ أمُّ هندٍ كانَ بتلك المنزلةِ، إلا أن الإِضمار أحسن لما تقدم الذكر، والضمير المتصل لا يقع موقعه المنفصل٢ المذكور إلا على معناه وتقديره، وإنما هذا كقولك: "زيدًا ضَربَ أَبُوه" لأنَّ الأب ظاهرٌ ولو حذفت ما أضفت إليه صَلُحَ فقلت: أبٌ وغلامٌ ونحوهما والأول بمنزلة: "زيدًا ضَربَ" الذي لا يحل محله ظاهرٌ؛ فلذلك استحالَ.

قال أبو العباس: وأنا أرى أنه يجوز: "غُلامَ هندٍ ضَرَبتْ" وباب جوازه أنَّك أضمرتَ "هندًا" لذكركَ إياها، وكان التقدير: غُلامَ هندٍ "ضَربَتْ هِندٌ" فلم تحتج إلى إظهارها لتقدم ذكرها، وكان الوجه "غلامَها ضَربَتْ هندٌ" ويجوز الإِظهار على قولك: "ضَربَ أبَا زيدٍ زيدٌ" ولو قلت: "أَباهُ" كان أحسن فإنما أَضمرتَها في موضع ذكرها الظاهر، ولكن لا يجوز بوجهٍ من الوجوه: "زيدًا ضَربَ" إذا جعلت ضمير زيدٍ ناصبًا لظاهره لعلتين: إحداهما: أنَّ فعلَهُ لا يتعدى إليه في هذا الباب, لا تقول: "زيدٌ ضربَهُ" إذا رددتَ الضمير إلى "زيدٍ"، ولا تقول: ضربتني إذا كنتَ الفاعلَ والمفعولَ وقد بينَ هذا, والعلة الأخرى: ما تقدم ذكره من أن المفعول الذي فضلةٌ يصيرُ لازمًا؛ لأنَّ الفاعل الذي لا بدّ منه معلق به؛ ولهذا لم يجز: زيدًا ظَنَّ منطلقًا، إذا أضمرتَ "زيدًا" في "ظَنَّ" وإن كان فعله في هذا الباب يتعدى إليه نحو: "ظننتني أَخاكَ" ولكن لم يتعد المضمر إلى الظاهر لما ذكرتُ لكَ، وأما٣ "غُلامَ هندٍ ضَرَبَتْ" فجاز، لأن هندًا غيرُ الغلامِ وإن كانت بالإِضافة قد صارت من تمامه، ألا ترى أنك تقول: "غلامُ هندٍ ضَربهَا" ولا تقول: "زيدٌ ضربهُ"


١ في "ب" أنك.
٢ زيادة من "ب".
٣ في "ب" فأما.

<<  <  ج: ص:  >  >>