للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك بنيت لام "فعل" مع ضمير الفاعل المخاطب في "فعلت" والمخاطب والمخاطبة أيضًا في "فعلتَ"/ ٤٨ وفعلتِ كما بينا فيما مضى. فإن قلت: هند زيد ضاربته, لم يكن بد من أن تقول: هي, من أجل أن قولك: "ضاربته" ليس لزيد في الفعل نصيب, وإنما الضرب كان من هند ولم يعد عليها شيء من ذكرها, والفعل لها, فإنما "ضاربته" خبر عن زيد وفاعله هند في المعنى, ولم يجز إلا إظهار الضمير, فقلت حينئذ هي مرتفعة "بضاربته" كما ترتفع هند إذا قلت: زيد ضاربته هند, فالمكنى١ ههنا بمنزلة الظاهر, ولا يجوز أن تتضمن "ضاربته" ضمير الفاعل, فإن أردت أن تثني قلت: الهندان الزيدان ضاربتهما هما, لأن "ضاربه" ليس فيه ضمير الهندين إنما هو فعل فاعله المضمر, هذا على قول من قال: أقائم أخواك٢, فأما من قال: أكلوني البراغيث٣ فيجعل في الفعل علامة التثنية والجمع ولم يرد الضمير ليدل على أن فاعله مثنى أو مجموع كما كانت التاء في "فعلت هند" فرقًا بين فعل المذكر والمؤنث, فإنه يقول: الهندان الزيدان ضاربتاهما هما فإذا قلت: هند زيد ضاربته/ ٤٩ هي "فهند" مرتفعة بالابتداء, "وزيد" مبتدأ ثان, وضاربته خبر زيد "وهي" هذه اللفظة مرتفعة بأنها فاعلة, والفعل "ضاربته" والهاء ترجع إلى زيد, وهي ترجع إلى هند والجملة خبر عنها, فإن جعلت موضع فاعل, يفعل فقلت: زيد هند تضربه, أضمرت الفاعل ولم تظهره, فهذا مما خالفت فيه الأسماء الأفعال, ألا ترى أنك تقول: زيد أضربه وزيد تضربه. فإن


١ المكني أو الكناية: اصطلاح كوفي، ومعناه الضمير عند البصريين, واصطلاح الضمير أدق من اصطلاح المكنى لأن الكناية تشمل كل ما يكنى به من إشارة أو موصول أو عدد بخلاف الضمير فإنه لا يدخل فيه شيء من ذلك اللهم إلا إذا ذهب به مذهب من يجعل الكلمة أقساما أربعة من المحدثين ويجعل الضمير هو القسم الرابع، ويدخل فيه العدد وأسماء الإشارة والأسماء الموصولة، انظر: من أسرار العربية للدكتور أنيس/ ١٩٦.
٢ أقائم مبتدأ، وأخواك فاعل سد مسد الخبر.
٣ البراغيث هي الفاعل والواو في الفعل علامة تدل على الجمع.

<<  <  ج: ص:  >  >>