للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: "الذي استقرَّ خلفَكَ زيدٌ"١ والذي عندَك والذي أمامَكَ وما أشبه ذلك وأما وصلُه بالجزاء فنحو قولك: "الذي إنْ تأتِه يأتِك عمرو" و"الذي إنْ جئتَهُ فهو يُحسنُ إليكَ" ولا يجوز أن تصلَ "الذي" إلا بما يوضحهُ ويبينهُ من الأخبار فأما الاستخبار فلا يجوز أنْ يوصل به "الذي" وأَخواتُها, لا يجوز أن تقول: "الذي أَزيدٌ أَبوهُ قائمٌ" وكذلك النداءُ والأمر والنهي. وجملة هذا أن كل ما تمكن في باب الأخبار ولم يزد فيه معنى على جملة الأخبار وصَلُحَ أن يقال فيه صدقٌ وكذبٌ، وجازَ أن توصف به النكرة فجائزٌ أن يوصل به "الذي" ويجوز أن تصل بالنفي فتقول: "الذي ما قامَ عمرو" لأنه خبرٌ يجوز فيه الصدقُ والكذبُ ولأنك٢ قد تصفُ به النكرة فتقول: "مررتُ برجلٍ ما صَلى", وكل فعلٍ تصلُ به "الذي" أو تصفُ به النكرة لا يجوز أن يتضمن ضمير الموصول أو الموصوف, فغير جائزٍ أن تصل به "الذي"٣ لو قلت: "مررتُ برجلٍ نِعم الرجلُ" لَما جاز إلا أن تريد: "هُوَ نِعْمَ الرجلُ" فتضمر المبتدأ على جهةِ الحكاية. ومن ذلك فِعْلُ التعجبِ، لا يجوز أن تصل به ولا تصف، لا تقول: "مررتُ برجلٍ أكرمْ به من رجلٍ" لأنَّ الصفةَ موضعها من الكلام أن تفصل بين الموصوفات وتبين٤ بعضها من بعض, وإنما تكون كذلك إذا كانت الصفة محدودةً متحصلة, فأما إذا كانت مبهمة [غير متحصلةٍ] ٥ فلا يجوز، ألا ترى أنك


١ انظر المقتضب ٣/ ١٠٢ قال المبرد: اعلم أن كل ظرف متمكن فالإخبار عنه جائز، وذلك قولك إذا قال قائل: زيد خلفك، أخبر عن "خلف" قلت: الذي زيد فيه خلفك، فترفعه؛ لأنه اسم، وقد خرج من أن يكون ظرفًا. وإنما يكون ظرفًا إذا تضمن شيئًا نحو: زيد خلفك؛ لأن المعنى: زيد مستقر في هذا الموضع والخلف مفعول فيه.
٢ في "ب" لأنك، بإسقاط الواو.
٣ "الذي" ساقط في "ب".
٤ في "ب" وبين.
٥ زيادة من "ب".

<<  <  ج: ص:  >  >>