للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيضًا؛ لأن الكلام لا خلل فيه كما تقول: "أكرمني زيد ومررتُ" لا تريد: أنك مررت بشيءٍ وإنما تريد: مضيتَ. وقال قوم: "الذي أكرمني ومررت عبد الله" محال, لا بدّ من إظهار الباء وهو قولك: "الذي أكرمني ومررت به عبد الله" وهذا إنما لا يجوز إذا أراد أن يعدي "مررت" إلى ضمير الذي, فإن لم ترد ذلك فهو جائز وهم مجيزون: "الذي مررت وأكرمني عبد الله" على معنى الإِضمار, وإذا قلت: "الذي أكرمتُ وظننتُ محسنًا زيد" جاز تريد: "ظننتهُ" لا بدّ من إضمار الهاء في "ظننتُ" لأن الظن لا يتعدى إلى مفعول واحد, وأما أكرمتُ فيجوز أن تضمرها معها ويجوز أن لا تضمر, كما فعلت في "مررت". وتقول: "مررت بالذي ضربتُ ظننتُ عبد الله" تلغي الظن, فإن قدمت "ظننت" على "ضربتُ" قبح؛ لأن الإِلغاء كلما تأخر كان أحسن وتقول: "الذي ضربتُ ضربتُ عبد الله" والتأويل: "الذي ضربتهُ أمس ضربُ اليوم" "فالذي" منصوب "بضربتُ" الثاني وعبد الله بدل من "الذي". وتقول: "للذي ظننتهُ عبد الله درهمان" تريد: للذي ظننته عبد الله درهمان, فإذا قلت: للذي ظننت ثم عبد الله درهمان, صار "ثم" المفعول الثاني للظن والمفعول الأول الهاء المحذوفة من "ظننت" وجررت عبد الله مبدلًا له من الذي, وتقول: تكلم الذي يكلم أخاكَ مرتين, إن نصبت أخاك "بيكلم" الفعل الذي في الصلة فتكون مرتين إن شئت في الصلة, وإن شئت كان منصوبًا بتكلم بالفعل الناصب "للذي" فإن جعلت أخاك بدلًا من "الذي" لم يجز أن يكون "مرتين" منصوبًا بالفعل الذي في الصلة؛ لأنك تفرق بين بعض الصلة وبعض بما ليس منها. وتقول: الذين كلمت عامةً إخوتك تريد: "الذين كلمتهم عامة إخوتُكَ" والذين كلمتُ جميعًا١ أخوتكَ, مثله تنصب "عامة" [وجميعًا] ٢ نصب الحال, فإن قلت: الذين "عامة" كلمتُ إخوتُكَ, قبحَ عندي لأنه في المعنى ينوب عن التأكيد, والمؤكِّدُ لا يكون قبل المؤكَّدِ، كما


١ بعد جميعًا، ساقط من "ب" مقدار صفحة واحدة على الأقل.
٢ زيادة من "ب".

<<  <  ج: ص:  >  >>