للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشبه سكون الجزم ولا سكون الأمر والنهي؛ لأنها إنما سكنت من أجل النون كما تسكن مع التاء١، وزعم الخليل وغيره أن ناسًا من بكر بن وائل يقولون: "ردَّنَ ومرَّنَ وردَّتْ"٢، كأنهم قدروا الإِدغام قبل دخول النون والتاء, والشعراء إذا اضطروا إلى ما يجتمع أهل الحجاز وغيرهم على إدغامه أخرجوه على الأصل, ومن ذلك الهمزة إذا خففت وقبلها حرف ساكن حذفت وألقيت الحركة على الساكن, وسنذكر باب الهمزة٣ إن شاء الله.

والثاني: ما يسكن لغير جزم وإعراب, وهو على ثلاثة أضرب: إسكان لوقف وإسكان لإِدغام وإسكان لاستثقال؛ أما الوقف فكل حرف يوقف عليه فحقه السكون كما أن كل حرف يبتدأ به فهو متحرك وأنا أفرد ذكر الوقف والابتداء. وأما الإِدغام فنحو قولك: "جَعَلَ لَكَ" فمن العرب من يستثقل اجتماع كثرة المتحركات فيدغم وهذا يبين في الإِدغام. وأما إسكان الاستثقالِ فنحو ما حكوا في شعر امرئ القيس في قوله٤:

"فاليومَ أشربْ غَيْرَ مُسْتَحْقَبٍ ... إثمًا مِنَ الله ولا وَاغِلِ"٥


١ يشير إلى تاء: رددتُ، ورددتِ، ورددتَ.
٢ انظر الكتاب ٢/ ١٦٠.
٣ في "ب" الهمز.
٤ من شواهد سيبويه ٢/ ٢٩٧ على تسكين الباء من قوله: "أشرب" في حال الرفع والوصل، ويروى: فاليوم فأشرب..
وكذلك: فاليوم أسقى.. ولا شاهد فيه على هذه الرواية.
والمستحقب: المكتسب, وأصله من استحقب، أي: وضع الحقيبة، وهي خرج يربط بالسرج خلف الراكب، والواغل: الذي يأتي شراب القوم من غير أن يدعى إليه. وهو مأخوذ من الوغول, وهو الدخول, ومعناه أنه وغل في القوم وليس منهم.
وانظر: شرح السيرافي ١/ ٢٢٩, والتمام في تفسير أشعار هذيل ٢٠٥، والخصائص ١/ ٧٤ وج٢/ ٢٧٤, والحماسة ٦١٢, والفاخر للمفضل بن سلمة ٦٣, وابن يعيش ١/ ٤٨, وإصلاح المنطق ٢٤٥, والشعر والشعراء ٩٨, والأصمعيات ٤٠, والضرائر ٢٢٥, والحجة ١/ ٨٦، والخزانة ٣/ ٥٣١, والديوان ١٥٠.
٥ زيادة من "ب".

<<  <  ج: ص:  >  >>