للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولستن, كضربتن, وليسوا, كضربوا, وليست أمة الله ذاهبة كقولك: ضربت أمة الله زيدًا.

وإنما امتنعت من التصرف, لأنك إذا قلت "كان" دللت على ما مضى, وإذا قلت "يكون" دللت على ما هو فيه وعلى ما لم يقع, وإذا قلت: ليس زيد قائمًا الآن أو غدًا أدت ذلك المعنى الذي في يكون,/ ٦٨ فلما كانت تدل على ما يدل عليه المضارع استغني عن المضارع فيها, ولذلك لم تبن بناء الأفعال التي هي من بنات الياء مثل باع وبات. وإذا اجتمع في هذا الباب معرفة ونكرة فاسم "كان" المعرفة كما كان ذلك في الابتداء هو المبتدأ لا فرق بينهما في ذلك, تقول: كان عمرو منطلقًا, وكان بكر رجلًا عاقلًا, وقد يكون الاسم معرفة والخبر معرفة كما كان ذلك في الابتداء أيضًا, تقول: كان عبد الله أخاك, وكان أخوك عبد الله, أيهما شئت جعلته اسم "كان" وجعلت الآخر خبرًا لها, والشعراء قد يضطرون فيجعلون الاسم نكرة والخبر معرفة١ لعلمهم أن المعنى يئول إلى شيء واحد, فمن ذلك قول حسان:

كأنَّ سلافةً منْ بيت رأسٍ ... يكون مزاجَها عسَل وماءُ٢

وقال القطامي:

قفي قبل التفرقِ يا ضباعا ... ولا يك موقف منكِ الوداعا٣


١ في المقتضب ١/ ٩١ واعلم: أن الشعراء يضطرون فيجعلون الاسم نكرة، والخبر معرفة, وإنما حملهم على ذلك معرفتهم أن الاسم والخبر يرجعان إلى شيء واحد.
٢ مر تفسير هذا البيت، ص٤٢.
٣ استشهد بالشطر الأول سيبويه ١/ ٣٣١ على ترخيم "ضباعة" والوقف على الألف بدلا من الهاء. واستشهد بالشطر الثاني ابن هشام في المغني على جعل اسم "كان" نكرة وخبرها معرفة للضرورة، وأراد "بضباعة" ضباعة بنت زفر بن الحارث، ولا يك موقف يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون على الطلب والرغبة كأنه قال: لا تجعلي هذا الموقف آخر وداعي منك. والوجه الآخر: أن يكون على الدعاء كأنه قال: لا جعل الله موقفك هذا آخر الوداع، وفيه حذف مضاف، أي: "موقف" والبيت، مطلع قصيدة للقطامي في مدح زفر بن الحارث، وكان بنو أسد أحاطوا به وأسروه يوم الخابور وأرادوا قتله، فحال زفر بينه وبينهم وحماه وحمله، وكساه مائة ناقة، فمدحه بهذه القصيدة:
وانظر: المقتضب ٤/ ٩٣، وابن يعيش ٧/ ٩١، وارتشاف الضرب ٣٥٦، والديوان/ ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>