للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تأنيث هذا تأنيث حقيقي, فمهما اعتوره من الاسم فخبرت عنه بذلك, فإنّ الخبر عنه لا عن الاسم.

واعلم: أن من التأنيث والتذكير ما لا يعلم ما قصد به, كما أنه يأتيك من الأسماء ما لا يعرف لأي شيء هو, تقول: فِهْرٌ فهي مؤنثةٌ وتصغيرها فُهَيرَةٌ وتقول: قَتبٌ لحشوةِ البَطنِ وهو المعى وتصغيره قُتَيبَةٌ, وبذلك سمي الرجل قُتَيبَة وكذلك: طريقٌ وطرقٌ وطريقين جُرن وجُرنات وأوطبُ وأواطبُ والشيء قد يكون على لفظ واحد مذكر ومؤنث فمن ذلك: اللسان يقال: هو وهي والطريقُ مثله والسبيلُ مثلهُ, وأما قولهم: أرضٌ فكان حقه أن يكون الواحدُ أرضة والجمع أرضا, لو كان ينفصل بعضها من بعض كتمرةٍ من تَمرٍ, ولكن لما كانت نَمطًَا واحدًا وقع على جميعها اسم واحد كما قال الله عز وجل: {فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} ١، وقال: {وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} ٢، فإذا اختلفت أجناسها بالخلقة أو انفصل بعضها من بعض بما يعرض من حزنٍ وبَحرٍ وجَبلٍ قيلَ: أرضون كما تقول في التَمرِ: تمرانِ تريد ضربين, فكان حق أرض أن تكون فيها الهاء لولا ما ذكرنا وإنما قالوا: أرضونَ والمؤنث لا يجمع بالواو والنون إلا أن يكون منقوصًا كمشيةٍ وثُبةٍ وقُلةٍ, وكليةٌ لا بد أنها كانت هاءً في الأصل؛ فلذلك جاءت الواو والنون عوضًا. وطاغوت فيها اختلاف؛ فقوم يقولون: هو أحد مؤنث, وقال قوم: بلْ هو اسم للجماعة, قال الله تعالى: {الَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا} ٣ فهذا قول, قال محمد بن يزيد: والأصوب عندي والله أعلم أنه جماعة, وهو كل ما عُبد من دون الله من إنسٍ وجِن وغيره, ومن حَجرٍ وخَشبٍ وما سوى ذلك, قال الله عز وجل:


١ يوسف: ١٠١.
٢ الطلاق: ١٢.
٣ الزمر: ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>