للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أعظم الفساد، وصدود القلب عن ذكر الله وعن الصلاة اللذين كل منهما إما واجب وإما مستحب من أعظم الفساد، ومن المعلوم أن هذا يحصل في اللعب بالشطرنج والنرد ونحوهما وإن لم يكن فيه عوض، وهو في الشطرنج أقوى؛ فإن أحدهم يستغرق قلبه وعقله وفكره فيما فعل خصمه، وفيما يريد أن يفعل هو، وفي لوازم ذلك، ولوازم لوازمه، حتى لا يحس بجوعه، ولا عطشه، ولا بمن يسلم عليه، ولا بحال أهله، ولا بغير ذلك من ضرورات نفسه وماله؛ فضلًا أن يذكر ربه أو الصلاة» (١).

٤ - قياسًا على النرد؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «إذا حرم النرد ولا عوض فيها فالشطرنج إن لم يكن مثلها فليس دونها، وهذا يعرفه من خبر حقيقة اللعب بها، فإن ما في النرد من الصد عن ذكر الله، وعن الصلاة، ومن إيقاع العداوة والبغضاء هو في الشطرنج أكثر بلا ريب، وهي تفعل في النفوس فعل حُمَيَّا الكؤوس (٢)، فتصد عقولهم وقلوبهم عن ذكر الله، وعن الصلاة أكثر مما يفعله بهم كثير من أنواع الخمور والحشيشة، وقليلها يدعو إلى كثيرها، فتحريم النرد الخالية عن عوض مع إباحة الشطرنج مثل تحريم القطرة من خمر العنب، وإباحة الغرفة من نبيذ الحنطة، وكما أن ذلك القول في غاية التناقض من جهة الاعتبار والقياس والعدل فهكذا القول في الشطرنج» (٣).

وقال ابن القيم: «إذا كان من لعب بالنرد عاصيًا لله ورسوله مع خفة مفسدة النرد، فكيف يسلب اسم المعصية لله ورسوله عن صاحب الشطرنج مع عظم مفسدتها، وصدها عن ما يحب الله ورسوله، وأخذها بفكر لاعبها، واشتغال قلبه وجوارحه، وضياع عمره، ودعاء قليلها إلى كثيرها مثل دعاء قليل الخمر إلى كثيرها، ورغبة النفوس فيها بالعوض فوق رغبتها فيها بلا عوض،


(١) مجموع الفتاوى ٣٢/ ٢٢٧.
(٢) جاء في لسان العرب ١٤/ ١٩٧: «الحُمَيَّا بُلُوغ الخَمْر من شاربها، أبو عبيد: الحُمَيَّا دَبِيبُ الشراب، ابن سيده: وحُمَيَّا الكأس سَوْرَتُهَا وشدَّتها، وقيل: أَوَّلُ سَوْرتها وشدَّتها، وقيل إسْكارُها، وحِدَّتُهَا، وأَخذُها بالرأس».
(٣) مجموع الفتاوى ٣٢/ ٢٢١ - ٢٢٢.

<<  <   >  >>