للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما دليل القول الثاني بأن معتمد اللعب بالشطرنج الحساب الدقيق، والفكر الصحيح، ففيه تصحيح الفكر، ونوع من التدبير للحرب، ومكيدة العدو والاحتيال عليه، فيجاب عنه بما يلي:

١ - قال ابن العربي: «يقولون: إنها تشحذ الذهن، والعيان يكذبهم، ما تبحر فيها قط رجل له ذهن، سمعت الإمام أبا الفضل عطاء المقدسي يقول بالمسجد الأقصى في المناظرة: إنها تعلم الحرب. فقال له الطرطوشي: بل تفسد تدبير الحرب؛ لأن الحرب المقصود منها الملك واغتياله، وفي الشطرنج تقول: شاه إياك الملك، نحه عن طريقي، فاستضحك الحاضرين» (١).

٢ - لو كان اللعب بها يهدي إلى القتال، ويفيد في تدبير الحرب لكان مستحبًّا؛ فإن الله -سبحانه- قال: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: ٦٠] لكن جماهير الأمة على المنع منه تحريمًا، أو تنزيهًا.

٣ - لو سُلِّم أن هذه الأمور المفيدة موجودة فيه، فالواقع يدل على أن غالب اللعب به لا يقصد منه تحصيل هذه الأشياء؛ بل أكثر اللاعبين به إنما يقصدون منه التلهي، والقمار، والعبرة بالغالب لا النادر (٢).

وأما القول الثالث فالجزم بأنه تحصيل مذهب مالك، وجمهور الفقهاء في تأمل؛ لأمور:

١ - أن قول جمهور الفقهاء على التحريم، وقد سبق ذكر ذلك.

٢ - أن مالكًا نفسه قد حكي عنه عدم جوازها لا في قليل، ولا كثير، وقد سبق نقل ذلك.

٣ - أن ابن عبد البر نفسه قال: «أجمع مالك وأصحابه على أنه لا يجوز اللعب بالنرد ولا بالشطرنج» (٣).


(١) القبس ٣/ ١١٤٠.
(٢) المغني ١٤/ ١٥٥، وينظر: القمار حقيقته وأحكامه للدكتور سليمان الملحم ص ٢٦٥.
(٣) الاستذكار ٨/ ٤٦٢.

<<  <   >  >>