للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحق» (١). قوله: «من الباطل»؛ أي: مما لا ينفع، فإن الباطل ضد الحق، والحق يراد به الحق الموجود اعتقاده والخبر عنه، ويراد به الحق المقصود الذي ينبغي أن يقصد وهو الأمر النافع، فما ليس من هذا فهو باطل؛ ليس بنافع» (٢).

القول الثاني: جواز بذل العوض فيها إذا كان من أجنبي، وقد نُسب هذا القول للحنفية (٣)، وحكي قولًا عند المالكية (٤).

واستدلوا بأن بذل السبَق هو من باب الجعالات، فيجوز في كل عمل مباح (٥).

والقول الأول هو الراجح؛ لقوة ما استدلوا به، ويجاب عن دليل القول الثاني بأنه قياسٌ مع الفارق، وقد بين العلامة ابن القيم الفروق بين الجعالة والسبَق من وجوه، فقال:

الوجه الأول: أن المتسابقين إذا أخرج أحدهما سبَقًا للآخر إذا غلبه -ليس مقصوده أن يغلبه الآخر، ويأخذ ماله؛ فإن هذا لا يقصده عاقلٌ، فكيف يقصد العاقل أن يكون مغلوبًا خاسرًا؛ بل مقصوده أن يكون غالبًا كاسبًا كما يقصد المجاهد-، والجعالة قصد الباذل فيها حصول العمل من الآخر ومعاوضته عليه بماله، وهذا عكس باب المسابقة؛ فإن المسابقة هي على صورة الجهاد، وشرعت تموينًا وتدريبًا وتوطينًا للنفس عليه.

الوجه الثاني: أن الجعالة يجوز أن يكون العمل فيها مجهولًا كقوله: من رد عبدي الآبق فله كذا، وكذا بخلاف عقد السباق، فإن العمل فيه لا يكون إلا معلومًا.

الوجه الثالث: أنه يجوز أن يكون العوض في الجعالة مجهولًا كقول


(١) حديث حسن سيأتي تخريجه إن شاء الله.
(٢) مجموع الفتاوى ٣٢/ ٢٢٣.
(٣) نسبه للحنفية شيخ الإسلام ابن تيمية كما في المستدرك على مجموع الفتاوى ٤/ ٦٢، وابن القيم في الفروسية ص ٣٢٢.
(٤) مواهب الجليل ٣/ ٣٩٣.
(٥) الفروسية ص ٣٢٣.

<<  <   >  >>