للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

المراهنة من الطرفين» (١).

وبنحوه قال ابن ضويان (٢).

٥ - الإجماع على أن العوض إذا كان من المتسابقين، واشترط كل واحد منهما أنه إن سبق أخذ سبَقه وسبَق صاحبه أنه حرام، وممن حكى الإجماع في ذلك ابن حزم (٣)، وابن رشد (٤)، والقرطبي (٥)، وابن حجر (٦)، والهيتمي (٧)، وغيرهم.

٦ - أنه إذا كان بدون محلل فهو قمار؛ لأن كل واحد من المتسابقين إما أن يغنم، وإما أن يغرم، وإذا وجد المحلل لا يغرم قطعًا، وإنما يحتمل أن يغنم، ويحتمل أن يسلم، فخرج بذلك عن القمار؛ لأن القمار هو الذي يستوي فيه الجانبان في احتمال الغرامة (٨).

القول الثاني: أنها محرمة مطلقًا، سواءً كانت بمحلل أو بدونه، وهو رواية عن مالك (٩).

واستدل بأنه قمار، وأن المحلل لا ينفع شيئًا؛ فإنه لا يزال المتسابقان دائرين بين الغنم والغرم (١٠).

القول الثالث: أنها جائزةٌ مطلقًا، سواءً كانت بمحلِّل أو بدونه، وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية (١١)، ..................


(١) منتقى الأخبار المطبوع مع نيل الأوطار ٨/ ١٥٩.
(٢) منار السبيل ٢/ ٥٤٣.
(٣) الفروسية لابن القيم ص ٢٢٥ - ٢٢٦.
(٤) مسائل ابن رشد ١/ ٤١٢.
(٥) تفسير القرطبي ١١/ ٢٨٥.
(٦) فتح الباري ٦/ ٧٣.
(٧) كف الرعاع ص ٣٢٨.
(٨) حاشية ابن عابدين ٦/ ٤٠٣.
(٩) الكافي ١/ ٤٩٠.
(١٠) شرح منح الجليل ١/ ٧٧١.
(١١) مجموع الفتاوى ١٨/ ٦٤، والمستدرك على الفتاوى ٤/ ٦٤، ولشيخ الإسلام كلام آخر فهم بعضهم منه أنه ينحى فيه إلى مذهب الجمهور، فقد قال في بيان الدليل ص ٨٤: «أن الله -سبحانه- حرم إخراج السبق من المتسابقين معًا؛ لأنه قمار إذ كان كلٌّ منهما بين أن يأخذ من الآخر، أو يعطيه على السبق، ولم يقصد المخرج أن يجعل للسابق جعلًا على سبقه، فيكون من جنس الجعالة؛ فإذا أدخلا ثالثًا كان لهما حال ثانية، وهو أن يعطيا جميعًا الثالث، فيكون الثالث له جعل على سبقه، فيكون من جنس الجعالة، فلما كان الأمر هكذا لم يرض النبي -صلى الله عليه وسلم- بصورة الثالث، حتى يكون فرسًا يحصل معه مقصود انتفاء القمار؛ بأن يكون يخاف منه أن يسبق فيأخذ السبقين جميعًا».
قلت: والأقرب أن ابن تيمية على رأيه في جواز السبق دون محلل؛ وذلك:
أن المعتنين باختياراته لم يذكروا له سوى هذا القول، وهم ابن القيم في الفروسية ص ١٦٦ - ٢٣٢ - ٣٤٢، وابن مفلح في الفروع ٤/ ٤٦٥، وابن كثير في البداية والنهاية ١٤/ ٦١٢، والمردواي في الإنصاف ٦/ ٩٣، وابن عبد الهادي في العقود الدرية ص ٣٢٣، والبعلي في الاختيارات ص ٢٣٣، والبرهان ابنُ ابنِ قيم الجوزية في الاختيارات ص ١٢٥، وابن العماد في الشذرات ٦/ ٨٥.
أن هذه العبارة جاءت تحت حديث أبي هريرة في المحلل، وقد ذكره ابن تيمية الوجه السادس من أوجه بطلان الحيل، وهذا كعادته -رحمه الله- في استيعاب ما يدل على المسألة، حتى ولو كان رأيًا لغيره، ولا أدل على ذلك من أنه ذكر الحديث، وذكر أن له أصلًا محفوظًا، ثم قال: «ثم تبين لي أن هذا الحديث مما غلط فيه سفيان ابن حسين ... ».
(فائدة): قال البرهان إبراهيم ابنُ ابنِ القيم في اختياراته ص ١٢١: «لا نعرف له -يعني: ابن تيمية- مسألة خرق فيها الإجماع، ومن ادعى ذلك فهو إما جاهل، وإما كاذب، ولكن ما نسب إليه الانفراد به ينقسم إلى أربعة أقسام:
الأول: ما يستغرب جدًّا، فينسب إليه أنه خالف الإجماع؛ لندور القائل به وخفائه على كثير من الناس، ولحكاية بعض الناس الإجماع على خلافه .. » ثم ذكر تحت هذا المطلب مسألة المحلل.

<<  <   >  >>