فإن قيل: إن الإمام ابن القيم قال في الفروسية ص ١٦٣: « ... عن عمرو بن دينار قال: قال رجل -عند جابر بن زيد-: إن أصحاب محمد كانوا لا يرون بالدخيل بأسًا. فقال: هم كانوا أعفَّ من ذلك». قال ابن القيم: «وقوله كانوا أعف من ذلك؛ أي: كانوا أعف من أن يدخلوا بينهم في الرهان دخيلًا كالمستعار؛ ولهذا قال جابر بن زيد راوي هذه القصة: إنه لا يحتاج المتراهنان إلى المحلل. حكاه الجُوزجاني وغيره عنه». وبنحوه ابن قدامة في المغني ١٣/ ٤١٣. فالجواب عن ذلك أن يقال: عبارة جابر بن زيد (كانوا أعف من ذلك) محتملة لما قال ابن القيم، ومحتملة لمعنى مغاير لما ذكر، وهو أنه أعف من أن يقع بينهم السبَق دون محلل، وهذا المعنى الأخير اختاره أبو عبيد في غريب الحديث ٢/ ١٤٤، وحكاية الحال إذا تطرق إليها الاحتمال سقط بها الاستدلال، ينظر: التمهيد للأسنوي ص ٣٣٨، وشرح مختصر الروضة ٢/ ٦٥٥. وقد ورد عن أبي عبيدة -رضي الله عنه- أنه قال: من يراهنني؟ فقال شاب: أنا إن لم تغضب. قال: فسبقه، فرأيت عقيصتي أبي عبيدة تنقزان، وهو خلفه على فرس عربي. أخرجه أحمد ١/ ٤٢٢ ح (٣٤٤) وابن حبان ١١/ ٨٣ ح (٤٧٦٦) وغيرهم بإسناد حسن؛ لكن ليس فيه أنهما بذلا عوضًا، والرهان يطلق على المسابقة وحدها، وعليها مع بذل المال، ينظر: المحكم ٤/ ٢١٥، وتاج العروس ٩/ ٢٢١ - ٢٢٢.