للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يسمى ما ليس صورة لعبة، ومن ادّعى أن لعب عائشة كانت صورًا حقيقية فعليه إقامة الدليل.

والقول الراجح هو الأول، ويجاب عن حجج القول الثاني بما يلي:

- أما دعوى النسخ فغير مقبولة؛ لأمرين:

الأول: أن من المقرر في أصول الفقه أنه لا يعمل بالنسخ بين الأدلة إلا إذا لم يمكن الجمع (١)، والجمع ممكن هنا؛ وذلك بأن تحمل الأحاديث المبيحة هنا على لعب الأطفال، ويبقى النهي على عمومه.

الثاني: أن من شروط صحة النسخ معرفة المتقدم والمتأخر من الأدلة (٢)، وهو هنا متعذر.

- وأما دعوى أن الباء في (بالبنات) بمعنى (مع) فضعيفة؛ فقد جاءت روايات تنفي هذا الاحتمال، منها ما أخرجه مسلم (٣) بلفظ: «كنت ألعب بالبنات في بيته، وهن اللُّعَب»، وأخرجه (٤) بلفظ: «زُفَّت إليه وهي بنت تسع سنين ولُعَبها معها»، وأخرج النسائي (٥) الحديث بلفظ: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسرِّب إلي صواحبي، يلعبن معي باللُّعَبِ البناتِ الصغار»، وذكر الحافظ ابن حجر رواية أخرى للحديث، فقال: ويَرُدُّه ما أخرجه ابن عيينة في الجامع، من رواية سعيد بن عبد الرحمن المخزومي عنه، عن هشام بن عروة في هذا الحديث: «وكن جواري يأتين فيلعبن بها معي» (٦).

فكل هذه الروايات تمنع حمل معنى (الباء) على (مع).

- وأما دعوى أن لُعَب عائشة لم تكن صورًا حقيقية؛ فقد يُسمَّى ما ليس صورة لُعبة، فالجواب عن هذا أن يقال: إن القول: بأن ما ليس صورة إذا كان


(١) ينظر: البحر المحيط للزركشي ٤/ ٤٣٥، قواعد الأصول، لعبد المؤمن البغدادي ١/ ٢٨١.
(٢) ينظر: البحر المحيط للزركشي ٣/ ٢٣١، قواطع الأدلة للسمعاني ١/ ١٧١.
(٣) صحيح مسلم ح (٢٤٤٠).
(٤) صحيح مسلم ح (١٤٢٢).
(٥) سنن النسائي الكبرى ٥/ ٣٠٦ ح (٨٩٤٨).
(٦) فتح الباري ١٠/ ٥٢٧.

<<  <   >  >>