والوتر فأوتروا قبل طلوع الفجر, والأحاديث في الباب كثيرة والأحاديث الثابتة في إيتاره صلى الله وسلم عليه بركعة أكثر من أن تحصى فهي صالحة لتخصيص ما هو من العمومات في أعلى طبقة فكيف بما لا صحة له قط؟ وحديث البتيراء لم يصح والذي ينبغي التعويل عليه في دفع الوجوب الأحاديث المصرحة بأن الوتر غير واجب والوتر عبادة عن آخر صلاة الليل, وقد ثبت في ذلك صفات متعددة بأحاديث صحيحة كما تقدمت الإشارة إلى ذلك. والحاصل: أن لصلاة الليل باعتبار وترها ثلاث عشرة صفة كما ذكر ذلك ابن حزم في المحلى فالقول بأن الوتر ثلاث ركعات فقط لا يجوز أن يكون الإيتار بغيرها ضيق عطن وقصور باع ولمثل هذا صار أكثر فقهاء العصر لا يعرفون الوتر إلا بأنها ثلاث ركعات بعد صلاة العشاء حتى إن كثيراً منهم يكون له قيام في الليل وتهجد فتراه يصلي الركعات المتعددة ويظن أن الوتر شيء قد فعله وأنه لا تعلق له بهذه الصلاة التي يفعلها في الليل وهو لايدري أن الوتر هو ختام صلاة الليل وأنه لا صلاة بعده إلا الركعتان المعروفتان بسنة الفجر وكثيرا ما يقع الإنسان في الابتداع وهو يظن أنه في الاتباع والسبب عدم الشغل بالعلم وسؤال أهل الذكر, وأما ما روي عن الحسن البصري أنه قال: أجمع المسلمون على أن الوتر ثلاث لا يسلم إلا في آخرهن فإن أراد أن الإجماع وقع على هذا القدر وأنه لا يجوز الإيتار بغيره فهو من البطلان بمكان لا يخفى على عارف, فهذه الدفاتر الإسلامية الحاكية لمذاهب الصحابة الذين أدركهم الحسن البصري ولمذاهب التابعين الذين هو واحد منهم قاضية بخلاف هذه الحكاية وهي بين أيدينا, وإن أراد أن هذه الصفة هي إحدى صفات الوتر فنحن نقول بموجب ذلك فقد روي الإيتار بثلاث ولكنه روي النهي عن الإيتار بثلاث كما أوضح ذلك الماتن رح في شرح المنتقى فتعارضت رواية الثلاث ورواية النهي, والعالم بكيفية الاستدلال لا يخفى عليه الصواب وقد تقدم أن حديث البتيراء لا أصل له على أن النسخ لا يتم ادعاؤه إلا بعد معرفة التاريخ لأن الناسخ لا يكون إلا متأخرا بإجماع المسلمين القائلين بثبوت أصل النسخ في هذه الشريعة المطهرة فدعوى النسخ بمجرد الاحتمال مجازفة عظيمة ولا سيما إذا كان المدعي لذلك لم يتعب نفسه في علوم السنة المطهرة. وتحية المسجد لحديث:"إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين"