ثابت في الصحيح وثبت في الصحيح أيضا عن ابن مسعود أنه قال: لقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق. قال ابن القيم: هذا فوق الكبيرة اهـ. ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف. أقول: أما كونها فريضة متحتمة فالأدلة متعارضة ولكن ههنا طريقة أصولية يجمع بها بين هذه الأدلة وهي أن أحاديث أفضلية الجماعة مشعرة بأن صلاة المنفرد مجزئة وهي أحاديث كثيرة مثل حديث: "الذي ينتطر الصلاة مع الإمام أفضل من الذي يصلي وحده ثم ينام" وهو في الصحيح ومنه حديث المسيء صلاته المشهور فإنه أمره بأن يعيد الصلاة منفردا ومنه حديث: "ألا رجل يتصدق على هذا" عند أن رأى رجلا يصلي منفردا ومن ذلك أحاديث التعليم لأركان الإسلام فإنه لم يأمر من علمه بأن لا يصلي إلا في جماعة مع أنه قال لمن قال له لا يزيد على ذلك ولا ينقص: "أفلح وأبيه إن صدق" ونحو ذلك من الأدلة فالجميع صالح لصرف: "فلا صلاة له" الواقع في الأحاديث الدالة على وجوب الجماعة إلى نفي الكمال لا إلى نفي الصحة. وأما ما وقع منه صلى الله وسلم عليه من الهم بتحريق المتخلفين فهو إن لم يكن قولا ولا فعلا ولا تقريرا لكنه لا يكون ما يهم به إلا جائزا ولا يجوز التحريق بالنار لمن ترك ما لم يفرض عليه فالجواب عنه قد بسطه شيخنا العلامة الشوكاني في شرح المنتقى قال في الحجة البالغة: لما كان في شهود الجماعة حرج للضعيف والسقيم وذي الحاجة اقتضت الحكمة أن يرخص في تركها عند ذلك ليتحقق العدل بين الإفراط والتفريط فمن أنواع الحرج: ليلة ذات برد ومطر ويستحب عند ذلك قول المؤذن: ألا صلوا في الرحال, ومنها حاجة يعسر التربص بها كالعشاء إذا حضر فإنه ربما يتشوف إليه, وربما يضيع الطعام وكمدافعة الأخبثين فإنه بمعزل عن فائدة الصلاة مع ما به من اشتغال النفس, ولا اختلاف بين حديث:"لا صلاة بحضرة الطعام" وحديث: "لا تؤخر الصلاة لطعام ولا غيره" إذ يمكن تنزل كل واحد على صورة أو معنى والمراد نفي وجوب الحضور سر الباب التعمق وعدم التأخير هو الوظيفة لمن أمن سر التعمق وذلك كتنزيل فطر الصائم وعدمه على الحالين أو التأخير إذا كان تشوف إلى الطعام أو خوف ضياع وعدمه إذا لم يكن كذلك مأخوذ من حال العلة, ومنها ما إذا كان خوف فتنة كامرأة أصابت بخورا ولا اختلاف بين قوله صلى الله وسلم عليه: "إذا