للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استأذنت امرأة أحدكم إلى المسجد فلا يمنعها" وبين ما حكم به جمهور الصحابة من منعهن إذ المنهي عنه الغيرة التي تنبعث من الأنفة دون خوف الفتنة والجائز ما فيه خوف الفتنة وذلك قوله صلى الله وسلم عليه: "الغيرة غيرتان" الحديث. وحديث عائشة: أن النساء أحدثن الحديث, ومنها الخوف والمرض والأمر فيهما ظاهر ومعنى قوله صلى الله وسلم عليه للأعمى: "أتسمع النداء" الخ أن سؤاله كان في العزيمة فلم يرخص له

وتنعقد باثنين وليس في ذلك خلاف, وقد ثبت في الصحيح من حديث ابن عباس أنه صلى بالليل مع النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وحده وقام عن يساره١ فأداره إلى يمينه. وإذا كثر الجمع كان الثواب أكثر لأنه قد ثبت عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: "صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وما كان أكثر فهو أحب إلى الله" أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة وابن حبان وصححه ابن السكن والعقيلي والحاكم "ويصح بعد المفضول٢" لأنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قد صلى بعد أبي بكر وبعد غيره من الصحابة كما في الصحيح ولعدم وجود دليل يدل على أنه يكون الإمام أفضل والأحاديث التي فيها: "لا يؤمنكم ذو جرأة في دينه" ونحوها لا تقوم بها الحجة, وعلى فرض أنها تقوم بها الحجة فليس فيها إلا المنع من إمامة من كان ذا جرأة في دينه وليس فيها المنع من إمامة المفضول, وقد عورض ذلك بأحاديث تتضمن الإرشاد إلى الصلاة خلف كل بر وفاجر وخلف من قال لا إله إلا الله وهي ضعيفة وليست بأضعف مما عارضها, والأصل أن الصلاة عبادة تصح تأديتها خلف كل مصل إذا قام بأركانها وأذكارها على وجه لا تخرج به الصلاة عن الصورة المجزئة وإن كان الإمام غير متجنب للمعاصي ولا متورع عن كثير مما يتورع عنه غيره, ولهذا إن الشارع إنما اعتبر حسن القراءة والعلم والسن ولم يعتبر الورع والعدالة فقال: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا".


١ الأصل: "وقعد" وهو خطأ فإن الحديث في الصحيحين وغيرهما: فقمت أصلي معه فقمت عن يساره فأخذ برأسي وأقامني عن يمينه.
٢ استعمل المؤلف في أفعال الصلاة ويفعلها بعده ولكني لم أجد هذا الاستعمال في كتب اللغة ولا غيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>