المساجد القصد وترك الغلو في تحسينه فقد كان عمر رضي الله تعالى عنه مع كثرة الفتوحات في أيامه وكثرة المال عنده لم يغير المسجد عما كان عليه وإنما احتاج إلى تجديده لأن جريد النخل كان قد نخر في أيامه ثم قال عند عمارته: أكن الناس من المطر وإياك أن تحمر أو تصفر فتفتن الناس. ثم كان عثمان المال في زمنه أكثر فحسنه بما لا يقتضي الزخرفة ومع ذلك أنكر بعض الصحابة عليه, وأول من زخرف المساجد الوليد ابن عبد الملك وذلك في أواخر عصر الصحابة وسكت كثير من أهل العلم عن إنكار ذلك خوفا من الفتنة فتأمل. "وتسريجها" لحديث: "لعن الله زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج" أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وحسنه وفي إسناده أبو صالح با ذام وفيه مقال, وأخرج أحمد ومسلم وأهل السنن عن جابر قال: نهى النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه. وزاد الترمذي:"وأن يكتب عليه وأن يوطأ" وصححه, وأخرج النهي عن الكتابة أيضا النسائي وقال الحاكم إن الكتابة وإن لم يخرجها مسلم فهي على شرطه. "والقعود عليها" لما أخرجه مسلم وأحمد وأهل السنن من حديث أبي هريرة قال: "لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر" ١ وأخرج أحمد بإسناد صحيح عن عمرو ابن حزم قال: رآني رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم متكئا على قبر فقال لا تؤذ صاحب هذا القبر. قال في الحجة البالغة: ومعنى أن لا يقعد عليه قيل: أن يلازمه المزورون وقيل: أن يطؤوا القبور وعلى هذا فالمعنى إكرام الميت فالحق التوسط بين التعظيم الذي يقارب الشرك وبين الإهانة وترك الموالاة بت. وسب الأموات لقوله صلى الله تعالى عليه وسلم:"لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ماقدموا" أخرجه البخاري وغيره من حديث عائشة, وأخرج أحمد والنسائي من حديث ابن عباس:"لا تسبوا أمواتنا فتؤذوا أحياءنا" وفي إسناده صالح بن نبهان وهو ضعيف ولكنه يشهد له ما ورد بمعناه من حديث سهل بن سعد والمغيرة. أقول: أما السباب للأموات
١ ظاهر صنيع الشارح يوهم أن هذا الحديث من كلام أبي هريرة وليس كذلك بل هو حديث مرفوع وقوله: وأهل السنن يشمل الترمذي وليس كذلك فإنه لم يروه. انظر نيل الأوطار جزء ٤ ص ١٣٥.