للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ووقف حيث أوقفه الحق علم أن هذا هو الحق وبيانه أن الزكاة هي أحد أركان الإسلام ودعائمه وقوائمه ولا خلاف أنه لا يجب شيء من الأربعة الأركان التي الزكاة خامستها على غير مكلف فإيجاب الزكاة عليه إن كان بدليل فما هو؟ فما جاء عن الشارع في هذا شيء مما تقوم به الحجة كما يروى عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أنه أمر بالاتجار في أموال الأيتام لئلا تأكلها الزكاة فلم يصح ذلك في شيء مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فليس مما تقوم به الحجة, وأما ما روي عن بعض الصحابة فلا حجة فيه أيضا وقد عورض بمثله كما روى البيهقي عن ابن مسعود قال: من ولي مال يتيم فليحص عليه السنين فإذا دفع إليه ماله أخبره بما فيه من الزكاة فإن شاء زكى وإن شاء ترك, وروي نحو ذلك عن ابن عباس. وإن قال قائل: إن الخطاب في الزكاة عام كقوله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} ونحوه فذلك ممنوع وليس الخطاب في ذلك إلا لمن يصلح له الخطاب وهم المكلفون, وأيضا بقية الأركان بل وسائر التكاليف التي وقع الاتفاق على عدم وجوبها على من ليس بمكلف الخطابات بها عامة للناس والصبي من جملة الناس فلو كان عموم الخطاب في الزكاة مسوغا لإيجابها على غير المكلفين لكان العموم في غيرها كذلك وأنه باطل بالإجماع وما استلزم الباطل باطل مع أن تمام الآية أعني قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} يدل على عدم وجوبها على الصبي وهو قوله: {تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} فإنه لا معنى لتطهير الصبي والمجنون ولا لتزكيته فما جعلوه مخصصا لغير المكلفين في سائر الأركان الأربعة لزمهم أن يجعلوه مخصصا في الركن الخامس وهو الزكاة. وبالجملة: فأموال العباد محرمة بنصوص الكتاب والسنة لا يحللها إلا التراضي وطيبة النفس. أما ورود الشرع كالزكاة والدية والأرش والشفعة ونحو ذلك فمن زعم أنه يحل مال أحد من عباد الله سيما من كان قلم التكليف عنه مرفوعا فعليه البرهان والواجب على المنصف أن يقف موقف المنع حتى يزحزحه عنه الدليل ولم يوجب الله تعالى على ولي اليتيم والمجنون أن يخرج الزكاة من مالهما ولا أمره بذلك ولا سوغه له بل وردت في أموال اليتامى تلك القوارع التي تتصدع لها القلوب وترجف لها الأفئدة. أقول: وأما اشتراط الإسلام فالراجح أن الكفار مخاطبون بجميع الشرعيات لكنه منع صحتها منهم مانع الكفر

<<  <  ج: ص:  >  >>