فليس الإسلام شرطا في الوجوب بل الكفر مانع عن الصحة والمكلف مخاطب برفع الموانع التي لا يجزئ عنه ما وجب عليه مع وجودها فخذ هذه قاعدة كلية في كل باب من الأبواب التي يجعلون الإسلام فيها شرطا للوجوب واما اشتراط الحرية فلا ريب أن هذا الاشتراط إنما يتم على قول من قال: إن العبد لا يملك وهي مسألة قد تعارضت فيها الأدلة بما لا يتسع لبسطه وهذه شرطية حقيقة عند القائل بعدم تملك العدم لأنه لا يجب على العبد أن يسعى في تحرير نفسه لتجب عليه الزكاة لما تقرر أن تحصيل شرط الواجب ليجب لا يجب فلا وجوب على العبد حال العبودية بخلاف الكافر فإن الوجوب ثابت عليه في حال كفره ولكنه لا تتم تأدية الواجب إلا بإزالة المانع وهو الكفر وما لا يتم الواجب إلا به يجب كوجوبه ومن ههنا يتبين لك الفرق بين هاتين القاعدتين فالاولى تستعمل قبل وجوب ذلك الواجب على الشخص والثانية بعد وجوبه عليه مع مانع يمنعه عنه ومما ينبغي أن يجعل شرطا في وجوب الزكاة التكليف كما فعل الماتن رح مع أنها مشروعة للتطهرة والتزكية كما نطق بذلك القرآن وهما لا يكونان لغير المكلفين فمن أوجب على الصبي زكاة في ماله تمسكا بالعمومات فليوجب عليه بقية الأركان الأربعة تمسكا بالعمومات. وبالجملة: فالأصل في أموال العباد الحرمة: {لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}"لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه" ولا سيما أموال اليتامى فإن القوارع القرآنية والزواجر الحديثية فيها أظهر من أن تذكر وأكثر من أن تحصر فلا يأمن ولي اليتيم إذا أخذ الزكاة من ماله من التبعة لأنه أخذ شيئا لم يوجبه الله على المالك ولا على الولي ولا على المال. أمال الأول: فلأن المفروض أنه صبي لم يحصل له فما هو مناط التكاليف الشرعية وهو البلوغ وأما الثاني: فلأنه غير مالك للمال والزكاة لا تجب على غير مالك. وأما الثالث: فلأن التكاليف الشرعية مختصة بهذا النوع الإنساني لا تجب على دابة ولا جماد والله أعلم.