الغنم صدقتها وفي البز صدقته" بالزاي المعجمة فقد ضعف الحافظ في الفتح جميع طرقه وقال في واحدة منها: هذا إسناد لا بأس به, ولا يخفاك أن مثل هذا لا تقوم به الحجة لا سيما في التكاليف التي تعم بها البلوى على أنه قد قال ابن دقيق العيد: إن الذي رآه في المستدرك في هذا الحديث البر بضم الباء الموحدة وبالراء المهملة. قال: والدارقطني رواه بالزاي لكن من طريق ضعيفة وهذا مما يوجب الاحتمال فلا يتم الاستدلال فلو فرضنا أن الحاكم قد صحح إسناد هذا الحديث كما قال المحلي في شرح المنهاج لكان مجرد الاحتمال مسقطا للاستدلال فكيف إذا قد عورض ذلك التصحيح بتضعيف الحفاظ لما صححه الحاكم مع تأخر عصرهم عنه واستدراكهم عليه, ويؤيد عدم الوجوب ما ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم في الصحيح من حديث أبي هريرة: "ليس على المسلم صدقة في عبده ولا فرسه" وظاهر ذلك عدم وجوب الزكاة في جميع الأحوال, وقد نقل ابن المنذر الإجماع على زكاة التجارة وهذا النقل ليس بصحيح فأول من يخالف في ذلك الظاهرية وهم فرقة من فرق الإسلام. أقول: وأما الاستدلال بقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: "وأما خالد فقد حبس أدراعه وأعتده١ في سبيل الله" فلا تقوم به الحجة إلا إذا كانت المطالبة بزكاة ذلك الذي حبسه مع كونه للتجارة فعرّفهم النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أنها قد صارت محبسة وأنه لا زكاة فيها بعد التحبيس وليس الأمر كذلك بل الظاهر أنهم لما أخبروا النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بأن خالدا امتنع من الزكاة رد عليهم بذلك, والمراد أن من بلغ في التقرب إلى الله إلى هذا الحد وهو تحبيس أدراعه وأعتده يبعد كل البعد أن يمتنع من تأدية ما أوجبه الله عليه من زكاة التجارة. وأما الاستدلال بقول عمر فهو ممن لا يقول بجحية قول الصحابي ولكنه إذا وافق قوله الصحابي ما يعتقده ضم إليه دعوى الإجماع السكوتي مجازفة. إذا تقرر هذا علمت
١ العتاد بفتح العين والتاء وبعدها ألف آلة الحرب من السلاح والدواب وغيرها جمعه أعتد بضم التاء ويجوز كسرها.