للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبو داود والترمذي من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا تصلح قبلتان في أرض وليس على مسلم جزية" فيمكن أن يكون مفسرا لحديث: "ليس على المسلمين عشور" ولم يثبت عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم تقدير ما يؤخذ من أهل الذمة إلا ما في حديث معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يأخذ من كل حالم ديناراً. أخرجه أحمد وأهل السنن والدارقطني والبيهقي وابن حبان والحاكم وهذا الحديث وإن كان فيه مقال فهو لا يخرج به عن صلاحيته للاستدلال فالوقوف على هذا المقدار متعين لا تجوز مجاوزته, وأما النقص منه إذا رآه الإمام أو المسلمون فلا بأس به لأن الجزية حق لهم يجوز لهم الاقتصار على بعض ما وجب والظاهر أنه لا فرق بين الغني والفقير والمتوسط في أنهم يستوون في جواز أخذ هذا المقدار منهم لأن الجزية لما كانت عوضا عن الدم كان ذو المال كمن لا مال له. وأما من ذهب إلى أنه يجب على الفقير نصف ما على المتوسط وعلى المتوسط نصف ما على الغني وجعلوا الغني من يملك ألف دينار, أو ما يساويها ويركب الخيل ويتختم الذهب والمتوسط دونه تمسكا بما روي عن علي أنه كان يجعل على المياسير من أهل الذمة ثمانية وأربعين درهما وعلى الأوساط أربعة وعشرين وعلى الفقراء اثني عشر فهذا مع كونه غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا تقوم به الحجة لأن في إسناده أبا خالد الواسطي ولا يحتج بحديثه إذا كان مرفوعاً فكيف إذا كان موقوفاً, وكذلك لا تقوم الحجة بما أخرجه في الموطأ عن عمر أنه كان يأخذ على أهل الذهب من أهل الذمة الجزية أربعة دنانير وعلى أهل الورق أربعين درهما لأنه فعل صحابي لا يصلح للاحتجاج به فالاقتصار على ما في حديث معاذ متحتم ويؤيده ما أخرجه البيهقي عن أبي الحويرث مرسلا: أن النبي صلى الله عليه وسلم صالح أهل أيلة وكانوا ثلثمائة رجل على ثلثمائة دينار. وأما ما روي عن الشافعي قال: سمعت بعض أهل العلم من أهل نجران يذكر أن قيمة ما أخذ من كل واحد أكثر من دينار فهذا مع كونه ليس بمرفوع ولا موقوف ولا معلوم قائله لا ينافي ما ذكرنا لأن المأخوذ من أهل نجران إنما كان صلحا بمقدار من المال على جميعهم ومحل النزاع ما يضرب على كل فرد ابتدءا ثم نقول: أموال أهل الحرب

<<  <  ج: ص:  >  >>