فليصدق فعله قوله, وإن كان مقلدا فله بالأئمة الأسلاف قدوة وهم الأقل من القائلين بذلك وهيهات ذاك فإن الشكوك والخيالات قد جعلها الشيطان ذريعة يقتنص بها من لم يقع في شباكه المنصوبة للمتهتكين من العصاة المستهترين بمحبتها لأنه وجد قوما لا تطمح أنفسهم إلى شرب الخمور وارتكاب الفجور فحفر لهم حفيرة جمع لهم فيها بين خزي الدنيا والآخرة فهم أشقى أتباعه اللهم أعذنا من نزعات الشيطان وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة. والاستحالة مطهرة أي إذا استحال الشيء إلى شيء آخر حتى كان ذلك الشيء الآخر مخالفا للشيء الأول لونا وطعما وريحا كاستحالة العذرة رمادا وقد أوضحت ذلك في كتابي دليل الطالب فليراجع وحققه الماتن في وبل الغمام والسيل الجرار وغيرهما, لعدم وجود الوصف المحكوم عليه يعني فقدْ فقدَ الوصف الذي وقع الحكم من الشارع بالنجاسة عليه وهذا هو الحق والخلاف في ذلك معروف
وما كان لا يمكن غسله من المتنجسات كالأرض والبئر فتطهيره بالصب عليه أو النزح منه حتى لا يبقى أي لا يوجد للنجاسة أثر لأنها لو كانت باقية لكان التعبد بإذهابها باقيا, ولكن هذا إنما يكون في مثل النجاسة التي لها جرم ولون, وأما مثل البول فقد ورد عن الشارع أن تطهيره بأن يصب عليه ذنوب من ماء فإذا وقع ذلك صارت الأرض المتنجسة بالبول طاهرة. أقول: البول على الأرض يطهره مكاثرة الماء عليه وهو مأخوذ مما تقرر عند الناس قاطبة أن المطهر الكثير يطهر الأرض وأن المكاثرة تذهب بالرائحة المنتنة وتجعل البول متلاشيا كأن لم يكن في المسوى. قال الشافعي رحمه الله تعالى: إذا أصاب الأرض بول أو غيره من النجاسة المائعة فصب عليها الماء حتى غلبها طهرت والغسالة طاهرة إذا لم يكن فيها تغير ولكنها لا تطهر وفرق بين ورود النجاسة على الماء وورود الماء على النجاسة, وعند الحنفية رحمهم الله تعالى الغسالة نجسة والأرض لا تطهر بصب الماء حتى تزول عنها الغسالة انتهى. والماء هو الأصل في التطهير فلا يقوم غيره مقامه إلا بإذن من الشارع لأن كون الأصل في التطهير هو الماء قد وصف بذلك في الكتاب والسنة وصفا مطلقا غير مقيد بل قوله صلى الله عليه وسلم:"الماء طهور" يرشد إلى ما ذكرنا إرشادا تشهد له قواعد علم المعاني وعلم الأصول فإذا ثبت عن الشارع أن تطهيره شيء