للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صمت من الشهر ثلاثة فصم ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة" وفي الباب أحاديث. قال في الحجة البالغة: وقد اختلفت الرواية في اختيار تلك الأيام فورد: "يا أبا ذر" إلخ وورد كان يصوم من الشهر السبت والأحد والاثنين ومن الشهر الآخر الثلاثاء والأربعاء والخميس وورد من غرة كل شهر ثلاثة أيام وورد أنه أمر أم سلمة بثلاثة أولها الاثنين والخميس ولكل وجه انتهى.

"وأفضل التطوع صوم يوم وإفطار يوم" لحديث عبد الله بن عمرو في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صم في كل شهر ثلاثة أيام" قلت: فإني أقوى من ذلك فلم يزل يرفعني حتى قال: "صم يوما وأفطر يوما فإنه أفضل الصيام وهو صوم أخي داود عليه السلام". قال في الحجة البالغة: واختلفت سنن الأنبياء عليهم السلام في الصوم فكان نوح عليه السلام يصوم الدهر وكان داود عليه السلام يصوم يوما ويفطر يوما وكان عيسى عليه السلام يصوم يوما ويفطر يومين أو أياما, وكان النبي صلى الله عليه وسلم في خاصة نفسه يصوم حتى يقال لا يفطر ويفطر حتى يقال لا يصوم ولم يكن يستكمل صيام شهر إلا رمضان وذلك أن الصيام ترياق والترياق لا يستعمل إلا بقدر المرض وكان قوم نوح عليه السلام شديدي الأمزجة حتى روي غنهم ما روي, وكان عليه السلام ذا قوة ورزانة وهو قوله صلى الله عليه وسلم. وكان لا يفر إذا لا قي. وكان عيسى عليه السلام ضعيفا في بدنه فارغا لا أهل له ولا مال فاختار كل واحد ما يناسب الحال, وكان نبينا صلى الله عليه وسلم عارفا بفوائد الصوم والإفطار مطلعا على مزاجه وما يناسبه فاختار بحسب مصلحة الوقت ما شاء. ويُكره صوم الدهر لحديث عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا صام من صام الأبد" وهو في الصحيحين وغيرهما, وأخرج أحمد وابن حبان وابن خزيمة والبيهقي وابن أبي شيبة من حديث أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صام الدهر ضُيقت عليه جهنم هكذا وقبض كفه" ولفظ ابن حبان: "ضُيقت عليه جهنم هكذا وعقد تسعين" ورجاله رجال الصحيح, وهذه الأحاديث من أعظم الأدلة الدالة على أن صوم الدهر مخالف لهديه صلى الله عليه وسلم لأنه نزّل صوم صائم الدهر منزلة العدم في الحديث الأول وفي رواية: "لا صام من صام الدهر ولا أفطر" والحديث صحيح, ويؤيده ما ثبت في الصحيحين وغيرهما من نهيه صلى الله عليه وسلم لابن عمرو لما أراد أن يصوم الدهر

<<  <  ج: ص:  >  >>