للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال له: "لا تفعل", وقال لما بغله عن المتكلفين في العبادة أنهم سألوا عن عبادته صلى الله عليه وسلم فاستقلوها فقال أحدهم: أصوم ولا أفطر, وقال الثاني: أقوم ولا أنام, وقال الثالث: لا أنكح النساء فقال صلى الله عليه وسلم: "أما أنا فأصوم وأفطر وأقوم وأنام وآتي النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني" وأما تقريره صلى الله عليه وسلم لحمزة بن عمرو قال له يا رسول الله: إني أسرد الصوم أفأصوم في السفر؟ قال: "إن شئت" كما أخرجه الشيخان وغيرهما فليس فيه دليل على صوم الدهر لأن السرد يصدق بصوم أيام متتابعة وإن كانت بعض سنة فضلا عن أكثر منها ومن جملة الوعيد لمن صام الدهر حديث أبي موسى المتقدم وهذا وعيد شديد ومن زعم أنه ترغيب في صوم الدهر فلم يصب. وإفراد يوم الجمعة لحديث جابر في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم نهى عن صوم يوم الجمعة. وفي رواية: "أن يفرد بصوم" وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة: "لا تصوموا يوم الجمعة إلا وقبله يوم أو بعده يوم" وفي لفظ المسلم: "ولا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم" وفي الباب أحاديث قال الشافعي: يكره إفراد الجمعة. وفي العالمكيرية يستحب صوم يوم الجمعة بانفراده. أقول: الأحاديث واردة بالنهي وحقيقة النهي التحريم إذا لم يصم يوما قبله ولا يوما بعده وما روي عنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم من أنه كان يصومه لا يصلح لجعله قرينة صارفة لوجهين: الأول أنه لم ينقل أنه كان يصومه منفردا بل الظاهر أنه كان يصومه على غير الصفة التي نهانا عنها. الثاني: أن فعله لا يعارض قوله الخاص بالأمة كما تقرر في الأصول وعلى فرض عدم الاختصاص لقوله بالأمة بل شموله له ولهم فهو مخصص له من العموم وذلك لا يصلح قرينة صارفة للنهي عن معناه الحقيقي ويوم السبت لحديث الصماء بنت بسر عند أحمد وأبي داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان والحاكم والطبراني والبيهقي وصححه ابن السكن أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال: "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم فإن لم يجد أحدكم إلا عود عنب أو لحاء شجر فليمضغه". "ويحرم صوم العيدين" لحديث أبي سعيد في الصحيحين وغيرهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه نهى عن صوم يومين: يوم الفطر

<<  <  ج: ص:  >  >>