للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصحيحين من حديث ابن عمر قال: بيداؤكم هذه التي تكذبون فيها علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من عند المسجد. يعني مسجد ذي الحليفة وقد وقع الخلاف في المحل الذي أهل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم حسب اختلاف الرواة فمنهم من روى أنه أهل من المسجد ومنهم من روى أنه أهلّ حين استقلت به راحلته, ومنهم من روى أنه أهلّ لما علا شرف البيداء. وقد جمع بين ذلك ابن عباس فقال: إنه أهلّ في جميع هذه المواضع فنقل كل راو ما سمع. قال في الحجة البالغة: وبين ابن عباس أن الناس كانوا أتونه أرسالا فأخبر كل احد بما رآه والأول أي التمتع "أفضلها".

أي الأنواع الثلاثة. واعلم أن هذه المسألة قد طال فيها النزاع واضطربت فيها الأقوال فمنهم من قال بأن أفضل الأنواع القران لكونه صلى الله عليه وسلم حج قرانا على ما هو الصحيح, وإن كان قد ورد ما يدل على أنه حج إفرادا لكن الأحاديث الصحيحة الثابتة في الصحيحين وغيرهما من طرق عديدة مصرحة بأنه أهل بحج وعمرة فلو لم يرد عنه صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن غير ما فعله أفضل مما فعله لكان القران أفضل الأنواع, لكنه ورد ما يدل على ذلك, ففي الصحيحين وغيرهما من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يأيها الناس أحلوا فلولا الهدي معي فعلت كما فعلتم". قال: فأحللنا حتى وطئنا النساء, وفعلنا كما يفعل الحلال حتى إذا كان يوم التروية وجعلنا مكة بظهر أهللنا بالحج. وثبت مثل ذلك في حديث جماعة من الصحابة بألفاظ منها: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سُقت الهدي ولجعلتها عمرة". وقد ذهب إلى هذا جمع من الصحابة والتابعين ومن بعدهم كمالك وأحمد وهو الحق لأنه لم يعارض هذه الأدلة معارض, وقد أوضح فيها صلى الله عليه وسلم أن نوع التمتع أفضل من النوع الذي فعله وهو القران وقد أوضح الماتن حجج الأقوال واحتج به كل فريق في شرح المنتقى, والعبد الضعيف في شرح بلوغ المرام وكذلك أوضح الماتن فيه أن حجه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم كان قرانا. أقول: قد روى الفسخ عنه صلى الله عليه وسلم أربعة عشر رجلا من الصحابة. وأما قول أبي ذر فليس بحجة على أحد لأنه رأي صحابي فيما للاجتهاد فيه مسرح. والحاصل: أن هذا البحث يطول الكلام عليه جدا فمن رام العثور على الصواب فعليه بشرح المنتقى أو بالهدي

<<  <  ج: ص:  >  >>