للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النبوي للحافظ ابن القيم رح. قال ابن القيم في إعلام الموقعين: أفتى صلى الله عليه وسلم بجواز فسخهم الحج إلى العمرة ثم أفتاهم باستحبابه ثم أفتاهم بفعله حتما ولم ينسخه شيء بعده وهو الذي ندين الله به أن القول بوجوبه أقوى وأصح من القول بالمنع منه, وقد صح عنه صحة لا شك فيها أنه قال: "من لم يكن أهدى فليهل بعمرة ومن أهدى فليهل بحج ثم مع عمرة". وأما ما فعله هو فإنه صح عنه أنه قرن بين الحج والعمرة من بضع وعشرين رواية عند ستة وعشرين نفسا من أصحابه ففعل القران وأمر بفعله من ساق الهدي وأمر بفسخه إلى التمتع من لم يسق الهدي, وهذا من فعله وقوله كأنه رأي عين وبالله التوفيق. فإن قيل كيف وقع اختلاف بين الصحابة رضي الله تعالى عنهم في صفة حجته صلى الله عليه وسلم وهي حجة واحدة وكل واحد منهم يخبر عن مشاهدة في قصة واحدة. قلت: قال القاضي عياض: قد أكثر الناس الكلام على هذه الأحاديث فمن مجد منصف ومن مقصر متكلف ومن مطيل مكثر ومن مقتصر مختصر. قال: وأوسعهم في ذلك نفسا أبو جعفر الطحاوي الحنفي فإنه تكلم في ذلك في زيادة على ألف ورقة وتكلم معه في ذلك أيضا أبو جعفر الطبري ثم أبو عبد الله بن أبي صفرة ثم المهلب والقاضي أبو عبد الله بن المرابط والقاضي أبو الحسن بن القصار البغدادي والحافظ أبو عمر بن عبد البر وغيرهم. قال القاضي عياض: وأولى ما يقال في هذا على ما فحصناه من كلامهم واخترناه من اختياراتهم مما هو أجمع للروايات وأشبه بمساق الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أباح للناس فعل هذه الأنواع الثلاثة ليدل على جواز جميعها ولو أمر بواحد لكان غيره يظن أنه لا يجزئ فأضيف الجميع عليه وأخبر كل واحد بما أمره به وأباحه له ونسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم إما لأمره وإما لتأويله عليه انتهى. أقول: إنما ذكر المختلفون في أفضل الأنواع نوع حجته صلى الله عليه وسلم يقولون إن النوع الذي اختاره صلى الله عليه وسلم لنفسه لا يكون إلا فاضلا ولا سيما والتلبية كانت عن وحي من الله عز وجل كما في حديث: أنه نزل جبريل فقال: "قل لبيك بحجة وعمرة" وقد اختلف في نوع حجته صلى الله عليه وسلم والحق أنها قران كما قرر الماتن ذلك في شرح المنتقى ولكنه قال بعد ذلك: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة" يعني كما فعل أصحابه صلى الله عليه وسلم عن أمره, وهذا الحديث متفق على صحته كما تقدم فدل على أن التمتع

<<  <  ج: ص:  >  >>