أفضل من القران بلا ريب. ولا اعتبارا بقول من قال: أنه صلى الله عليه وسلم إنما قال ذلك تطييبا لقلوب أصحابه حيث حجوا تمتعا لعدم الهدي لأن المقام مقام تشريع لا مقام جبر خواطر وتطييب قلوب, فالحق أن التمتع أفضل. وأما أنه متعين لا يجوز غيره كما رحجه ابن القيم رح وأطال الكلام في تقريره فلا. قال في التكميل: اختلفوا في نسك النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان مفردا للحج أو قارنا أو متمتعا سائقا الهدي ووجه التطبيق أن النبي صلى الله عليه وسلم حين جمع الناس وخرج من المدينة المنورة إلى مكة المعظمة كان لا ينوي إلا الحج فلما بات بذي الحليفة في العقيق أُمر بالقران فقال: "لبيك بحجة وعمرة" فلما دخل مكة وتذكر جهالة العرب أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور وعرف أنه في آخر عمره ولا يعيش إلى قابل أراد رد هذا الوهم بأبلغ وجه, فأمر الناس بفسخ إحرام الحج وجعله عمرة وقال:"لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي وأحللت مع الناس كما حلوا" فكان مفردا بحسب ابتداء النية والشهرة وقارنا بحسب تلبيته من العقيق حيث أُمر: "صل في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة", وكان متمتعا سائق الهدي بحسب الهم والرغبة, ولم ينقل تجديد الإحرام للحج يوم التروية نعم عُرف تجديد التلبية عند إنشاء السفر إلى عرفة من منى فكان قارنا حقيقة مفردا في أول الأمر متمتعا في آخره انتهى. قال في المسوى: والتحقيق في هذه المسألة أن الصحابة لم يختلفوا في حكاية ما شاهدوه من أفعال النبي صلى الله عليه وسلم من أنه أحرم من ذي الحليفة وطاف أول ما قدم وسعى بين الصفا والمروة ثم خرج يوم التروية إلى منى ثم وقف بعرفات ثم بات بمزدلفة ووقف بالمشعر الحرام ثم رجع إلى منى ورمى ونحر وحلق ثم طاف طواف الزيارة ثم رمى الجمار في الأيام الثلاثة, وإنما اختلفوا في التعبير عما فعل باجتهادهم وآرائهم فقال بعضهم: كان ذلك حجا مفردا وكان الطواف الأول للقدوم والسعي لأجل الحج وكان بقاؤه على الإحرام لأنه قصد الحج, وقال بعضهم: كان ذلك تمتعا بسوق الهدي وكان الطواف الأول للعمرة كأنهم سمعوا طواف القدوم والسعي بعد عمرة وإن كان للحج وكان بقاؤه على الإحرام لأنه كان متمتعا بسوق الهدي. وقال بعضهم: كان ذلك قرانا والقران لا يحتاج إلى طوافين وسعيين. وهذا