للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما يطلق عليه اسم الهدي. ولا حجة فيما رواه في الموطإ عن ابن عباس: أنه سئل عن رجل واقع أهله وهو بمنى قبل أن يفيض فأمره أن ينحر بدنة. ولا يصح تقييد المطلق به ولا تفسير المجمل. فالحاصل: أن البراءة الأصلية مستصحبة ولا ينقل عنها إلا ناقل صحيح تقوم به الحجة وليس ههنا ما هو كذلك فمن وطئ قبل الوقوف أو بعده قبل الرمي أو قبل طواف الزيارة فهو عاص يستحق العقوبة وتغفر له بالتوبة, ولا يبطل حجه ولا يلزمه شيء ومن زعم غير هذا فعليه الدليل المرضي فليس بين أحد وبين الحق عداوة. "ولا ينكح ولا يُنكح ولا يخطب١" لحديث عثمان الثابت في مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا ينكح المحرم ولاينكح ولا يخطب" وفي الباب أحاديث. وأما ما في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم. فقد عارضه ما في صحيح مسلم وغيره من حديث ميمونة أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال, وما أخرجه أحمد والترمذي وحسنه من حديث أبي رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة حلالا. وكان أبو رافع السفير بين رسول الله صلى الله وسلم عليه وبين ميمونة وهما أعرف بذلك, وعلى فرض صحة خبر ابن عباس ومطابقته للواقع فلا يعارض الأحاديث المصرحة بالنهي بل يكون هذا خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم كما قرر الماتن في مؤلفاته أن فعله صلى الله عليه وسلم إذا خالف ما أمر الأمة به أو نهاهم عنه يكون مختصا به. قال في الحجة البالغة: اختار أهل الحجاز من الصحابة والتابعين والفقهاء أن السنة للمحرم أن لا ينكح ولا يُنكح, واختار أهل العراق بأنه يجوز له ذلك. ولا يخفى عليك أن الأخذ بالاحتياط أفضل. وعلى الأول السر فيه أن النكاح من الارتفاقات المطلوبة أكثر من الصيد ولا يقاس الإنشاء على الإبقاء لأن الفرح والطرب إنما يكون في الابتداء ولذلك يضرب بالعروس المثل في هذا الباب دون البقاء انتهى. "ولا يقتل صيدا" فإن الله تعالى حرم على المحرم صيد البر مادام حرما والمراد من الصيد عند الشافعي كل صيد مأكول بري فذبح الأنعام ليس منه وكذا ما ليس بمأكول وكذا الصيد البحري وعند أبي حنيفة غير المأكول قد يكون صيداً. "ومن قتله فعليه جزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل"


١ هو من حديث ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>