للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يفسق ولا يجادل" لنص القرآن الكريم: {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} وهذه الأمور لا تحل للحلال ولكنها مع الإحرام أغلظ, وأخرج الشيخان من حديث أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه". قال الحافظ المنذري: الرفث يطلق ويراد به الجماع ويطلق ويراد به الفحشاء ويطلق ويراد به خطاب الرجل المرأة فيما يتعلق به الجماع. وقد نُقل معنى هذا الحديث كل واحد من هذه الثلاثة عن جماعة من العلماء. قلت: فيحرم الجميع. وقال مالك: الرفث إصابة النساء. والله تعالى أعلم قال الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} والفسوق الذبح للأنصاب والله تعالى أعلم قال تعالى: {أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} والجدال في الحج أن قريشا كانت تقف عند المشعر الحرام بالمزدلفة بقُزح وكانت العرب وغيرهم يقفون بعرفة فكانوا يتجادلون يقول هؤلاء نحن أصوب ويقول هؤلاء نحن أصوب, فقال الله تعالى: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ فَلا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدىً مُسْتَقِيمٍ} فهذا الجدال في الحج فيما ترى والله تعالى أعلم. وأما فساد الحج بالجماع قبل الوقوف بعرفة فإن كان الدليل على هذا الفساد أقوال الصحابة فمع كون الروايات عنهم إنما هي بطريق البلاغ كما ذكره مالك في الموطإ وليس ذلك بحجة لو كان في المرفوع فضلا عن الموقوف, فقد عرفت غير مرة أن قول الصحابي ليس بحجة إنما الحجة في إجماعهم عند من يقول بحجية الإجماع. وأما الاستدلال على ذلك بما أخرجه أبو داود في المراسيل بإسناد رجاله ثقات أن رجلا جامع امرأته وهما محرمان فسألا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "اقضيا نسككما واهديا هديا" فالمرسل لا حجة فيه على ما هو الحق. وأما الاستدلال بقوله تعالى: {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} فعلى تسليم أن الرفث هو الجماع غاية ما يدل عليه المنع منه لا أنه يفسد الحج وإلا لزم في الجدال أنه يفسد الحج ولا قائل بذلك, والمروي في هذا الحديث المرسل هو إيجاب الهدي عليهما والهدي يصدق على الشاة والبقرة والبدنة ولا وجه لإيجاب أشد

<<  <  ج: ص:  >  >>