الملبي عن شبرمة كان أجنبيا عنه بل ورد في رواية:"وهو أخ له أو صديق" ومع الاحتمال لا يتم الاستدلال. وفي لفظ أنه قال له النبي صلى الله عليه وسلم:"من شبرمة"؟ قال: أخ لي أو قريب لي. وقد أخرج هذه الرواية البيهقي والظاهر أن اعتناءه به وتلبيته عنه وطيبة نفسه بأن يكون حجه له للقرابة بينهما إذ من البعيد أن يفعل ذلك لغير من بينه وبينه قرابة ثم ليس في الحديث أن شبرمة هذا قد كان مات إذ ذاك. وأما ما رواه الثعلبي في تفسيره بلفظ: من أوصى بحجة كانت أربع حجج وحجة للذي كتبها. فمع كونه غير مرفوع لا يدرى كيف إسناده. والثعلبي ليس من أهل الرواية فقد روى في تفسيره الموضوعات. وقد أخرج البيهقي مثل ما ذكر عن جابر مرفوعا كما ذكره صاحب التخريج فينظر في سنده فما أظنه يصح. والحاصل: أن هذا البحث طويل الذيول متشعب الحجج والنقول فمن رام ولعثور على الصواب فعليه بالفتح الرباني فتاوي الشوكاني ودليل الطالب على أرجح المطالب لهذا العبد الضعيف وليس مقصودنا هنا إلا التنبيه على الحق الحقيق بالقبول وإن أباه أكثر العقول. وحديث:"فدين الله أحق أن يقضى" ليس المراد به دفع الأجرة لمن يحج بل المراد أن الحج عن الوالد يصح من الولد كما يصح منه قضاء الدين ولا يرد على هذا أن اللفظ عام والاعتبار به لأنا نقول: العموم ليس هو إلا باعتبار فعل فريضة الحج لا باعتبار دفع المال لمن يحج فهذا لم يرد به دليل فعرفت بهذا أن ما يوصي به الميت من أجرة من يحج عنه لكون خارجا من ثلثه المأذون له. وأما من قال بوجوب الوصية على من لم يحج فكان قياس قوله أن تكون الأجرة الموصى بها من رأس المال لأن وجوب الوصية فرع وجوب الأجرة في مال الموصي ولا فرق بين وجوب مثل الأجرة من ماله وبين وجوب مثل الزكاة. وأما ما يذكرونه من الفرق بين ما يتعلق بالمال ابتداء وانتهاء وبين ما يتعلق بالبدن ابتداء بالمال وانتهاء فشيء لا مستند له ولا معول عليه.