للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} يدل على منع الأخذ مما آتوهن إلا مع ذلك الأمر فلا بأس بأن يأخذوا مما آتوهن لا كله فضلا عن زيادة عليه "ولا بد من التراضي بين الزوجين على الخلع أو إلزام الحاكم مع الشقاق بينهما"لقوله تعالى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ} وأما اعتبار إلزام الحاكم فلارتفاع ثابت وامرأته إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإلزامه بأن يقبل الحديقة ويطلق ولقوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا} وهذه الآية كما تدل على بعث حكمين تدل على اعتبار الشقاق في الخلع ويدل على ذلك أيضا قوله تعالى: {وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} ويدل عليه قصة امرأة ثابت المذكورة وقولها أكره الكفر بعد الإسلام وقولها لا أطيقه بغضا فلهذا اعتبرنا الشقاق في الخلع وهو فسخ وليس بطلاق ولكن قال الماتن رحمه الله في حاشية الشفاء بخلاف ما قال ههنا ورجح أن الخلع طلاق وليس بفسخ وقال هذا هو الحق لأن الله سبحانه ذكر أحكام الخلع بعد قوله: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} والضمائر من آيات الاختلاع راجعة إلى ذلك كقوله: {إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} وقوله: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} وقد سماه النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم طلاقا كما في صحيح البخاري وغيره فإنه قال لثابت بن قيس "اقبل الحديقة وطلقها تطليقة" ولا يعارضه ما روي في سنن النسائي "أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أمرها أن تعتد بحيضة"وكذلك في سنن أبي داود لأنه ملازمة بين الاعتداد بحيضة وبين الفسخ بل إذا ورد في بعض المطلقات ما يدل على مخالفة عدتها لعدة سائر المطلقات المصرح بها في القرآن كان ذلك مخصصا لعموم العدة وقد أطال ابن القيم الكلام على ذلك ورجح أن الخلع فسخ ولم يأت ببرهان يشفي سوى ما ذكرنا من أمره صلى الله عليه وآله وسلم لها أن تعتد بحيضة وهو في غير محل النزاع كما عرفت انتهى.

ثم رجح في فتاواه المسماة بالفتح الرباني كون الخلع فسخا وقال: الظاهر أنه فسخ لا طلاق وهو قول جماعة من العلماء منهم ابن عباس رواه عنه ابن عبد البر في التمهيد وكذلك رواه عن أحمد واسحق وداود وهو قول الصادق والباقر وأحد قولي الشافعي ومن قال بذلك لم يشترط فيه أن يكون للسنة وأجازه في الحيض وأوقعه وإن

<<  <  ج: ص:  >  >>